«اتفاق باريس» يرفع حرارة الأرض

  • 0
  • ض
  • ض

أكثر من 350 ساعة تفاوض، لم تفلح حتى اللحظة بإعلان اتفاق باريس المناخي. يعرف جميع المفاوضين أن تبعات عدم الاتفاق كارثية، لكنهم اتفقوا على «تدوير زوايا» هذه الكارثة بطريقة تسمح لدول وممالك النفط بأن تماطل سنوات إضافية لمراكمة ثرواتها

لا تزال الرئاسة الفرنسية لمؤتمر تغيّر المناخ، الذي تستضيفه باريس، متفائلة بامكانية الاتفاق على صيغة تُخرج المؤتمر الـ21 للاتفاقية الاطارية التي ترعاها الأمم المتحدة، بأقل الخسائر الممكنة، بعدما اصطدمت المفاوضات بجدار قاسٍ من المماحكة من الهند والصين، والتحايل من الولايات المتحدة، وفظاظة السعودية، وبخل الاتحاد الأوروبي. ولم تؤد الضغوط، التي مورست حتى ساعات متأخرة من ليل أمس، إلى تسوية نقاط الخلاف الأساسية في مشروع الاتفاق الجديد، من تقاسم الجهود بين الدول المتطورة والبلدان النامية إلى التمويل، وذلك قبل أقل من 24 ساعة على اختتام المؤتمر. وكان وزير الخارجية الفرنسي ورئيس المؤتمر، لوران فابيوس، قد عبّر عن أمله بإقرار الاتفاق نهائيا مساء اليوم، برغم أنه سبق أن أعلن أن أمس الخميس هو الموعد النهائي للصياغة، قبل التدقيق القانوني واللغوي، لكن الخلافات العميقة التي ظهرت ليلا أدت إلى تأخير إضافي، ربما سيمتد إلى يوم السبت المقبل. وأمضى ممثلو 195 دولة ساعات طويلة في التفاوض، يومَي الأربعاء والخميس الماضيين، على أمل التوصل الى نص يرضي جميع الأطراف، وهو أمر لا يبدو مستحيلاً في باريس، لكنه سيكون دون شك «اتفاق الضرورة» الذي لن تؤدي مفاعيله إلى إنقاذ الكوكب، وخصوصاً لجهة الوقوف عند ارتفاع في درجة حرارة الأرض يصل في حدّه الأقصى إلى درجتين مئويتين. فسيناريوهات الالتزامات التي وافقت عليها الدول، حتى هذه اللحظة، تضمن ارتفاع حرارة الأرض إلى 3 درجات مئوية خلال القرن الحالي، وباتت غالبية الدول ترى أن «إنقاذ الكوكب» يتطلب الحفاظ على 1.5 درجة ارتفاع، لا درجتين، كما في في اتفاق كوبنهاغن عام 2009، وهي مسألة وردت في مشروع الاتفاق الجديد، ما اعتُبر تطوراً غير مسبوق.

قادت السعودية حملة لعرقلة اقتراح الوقوف عند درجة 1.5 مئوية
لكن طرح خيار تحديد هذا الارتفاع بـ1.5 درجة في اثنين من الخيارات الثلاثة في مشروع الاتفاق، مثّل عامل تأزم كبيرا خلال النقاشات. وقادت السعودية حملة شرسة من أجل عرقلة هذا الاقتراح، لأنها ترى أن مثل هذه الاشارة تعني التزامات على مستوى سياسات الطاقة والنقل، كفيلة بالقضاء على صناعة الوقود الأحفوري في غضون عقود قليلة من الزمن، وتركه في باطن الأرض؛ علماً أن الصادرات النفطية تمثل الغالبية العظمى من الناتج المحلي في السعودية. واللافت أن جميع الدول العربية تصطف خلف السعودية، دون أي اعتراض يذكر، برغم أن بلداً مثل المغرب، الذي يستضيف قمة المناخ العام المقبل، قدم التزامات وطنية لخفض الانبعاثات أعلى من المطلوب منه، وهو يمثل نموذجاً لدول نامية أحسنت تسريع الانتقال إلى الطاقة المتجددة. وتُعد قضية التمييز بين دول الشمال والجنوب، في الجهود لمكافحة الاحتباس الحراري، من المسائل الأساسية التي لا تزال عالقة، فضلاً عن مسألة التمويل الذي يجب أن تحصل عليه الدول الأكثر ضعفا، لمواجهة آثار الاحتباس الحراري. وتبقى العديد من الأسئلة دون إجابة، بعد نحو أسبوعين من المفاوضات، مثل كيفية احتساب التمويل (قروض وهبات)، والدول التي ستسهم به، وتوزيعه بين التكيف مع الاختلال المناخي (سدود، بذور زراعية، نظام إنذار للارصاد الجوية) وخفض انبعاثات الغازات السامة. ويؤكد أحد الدبلوماسيين العارفين بتفاصيل التفاوض، في حديث لـ«الأخبار»، أن مسألة التمويل يمكن حلها في أي لحظة، لكنها تُركت للحظة الأخيرة، لأن الدول الغنية تريد التزامات من الدول النامية مقابل التمويل، وخصوصاً من الهند والصين. وقال وزير بيئة الهند، البلد الأساسي في المفاوضات، براكاش جفاديكار، إنه «لا يمكن إعداد اتفاق دائم، مع تخفيف المسؤوليات التاريخية، وبوضع مسببي التلوث والضحايا في المستوى نفسه». كما رأى الوزير الماليزي، غورديال سينغ نيجار، الذي تحدث باسم نحو 20 دولة نامية، أن النص يشير إلى «المسؤولية المشتركة لكن المختلفة» عن اتفاقية الأمم المتحدة حول المناخ في 1992، التي تنص على أن التحرك المناخي من مسؤولية البلدان المتطورة، بالدرجة الأولى. وحذّر جفاديكار الدول المتطورة قائلاً، «إن حاولتم بصورة مباشرة وغير مباشرة (التخلي عن) هذه النقطة الاساسية... فلن يكون أمامنا أي خيار سوى المقاومة». كذلك أعلن وزير البيئة في باربادوس، دنيس لوي، «لن نوقع أي اتفاق يعني انقراضا محتوما لشعبنا».

  • جفاديكار: لا يمكن إعداد اتفاق دائم يساوي بين مسببي التلوث والضحايا

    جفاديكار: لا يمكن إعداد اتفاق دائم يساوي بين مسببي التلوث والضحايا (أ ف ب )

0 تعليق

التعليقات