على الرغم من أن النتائج النهائية لانتخابات مجلسَي الشورى وخبراء القيادة الإيرانيين لم تكن قد ظهرت، إلا أن ما طغى على الحدث هو ما رشح من نتائج أولية أظهرت فوزاً ساحقاً أحرزه الإصلاحيون والمعتدلون من أنصار الرئيس حسن روحاني في مواجهة المحافظين في انتخابات محافظة طهران، باكتساحهم مقاعدها الـ30 في مجلس الشورى، إضافة إلى المكاسب الكبيرة التي حققها روحاني ورئيس مجلس مصلحة تشخيص النظام أكبر هاشمي رفسنجاني في مجلس خبراء القيادة. ورغم أن أياً من الجانبين لم يكن قد حصل على غالبية واضحة في كل المحافظات الإيرانية، حتى وقت متأخر من ليل أمس، فقد أظهرت آخر النتائج التي نشرتها وكالة أنباء الطلبة الإيرانية "إيسنا"، أنه من أصل 290 مقعداً يتألف منها البرلمان، فاز الإصلاحيون والمعتدلون بـ89 مقعداً مقابل 86 مقعداً للمحافظين، في حين انتُخب عشرة مرشحين مستقلين، بينما يتوقع أن تصدر النتائج المتصلة بستين مقعداً متبقياً بحلول يوم غد الثلاثاء. علاوة على ذلك، ستجرى دورة ثانية في نيسان أو أيار يخوضها مرشحون لـ51 مقعداً آخر، بعدما فشل أي منهم في الحصول على عدد كافٍ من الأصوات يؤهله للفوز من الدورة الأولى.
ومع أن الشكل النهائي لتوزيع القوى في البرلمان العتيد لم يتضح بعد، لكن النتيجة التي أحرزها الإصلاحيون والمعتدلون تشكل تقدماً كبيراً بالنسبة إليهم بالمقارنة مع ما كانت عليه حصتهم في المجلس المنتهية ولايته، إذ إنهم ضمنوا ما لا يقل عن ثلاثة أضعاف عدد مقاعدهم في المجلس السابق، حين كانوا ثلاثين عضواً فقط مقابل نحو مئتي عضو محافظ. كذلك، حقق أنصار روحاني اختراقاً لافتاً في طهران حيث فازوا بكامل المقاعد الثلاثين، بعدما كان المحافظون يهيمنون على غالبيتها. وهُزم، في انتخابات طهران، رئيس قائمة المحافظين الرئيس السابق لمجلس الشورى غلام علي حداد عادل، إذ حلّ في المركز الحادي والثلاثين.
أعلن وزير الأمن إلقاء القبض على فريقين إرهابيين في جنوب شرق وشمال غرب إيران

وحل في مقدم لائحة المرشحين المنتخبين، الإصلاحي محمد رضا عارف والمعتدل علي مطهري. وكان المعتدلون قد ضموا ثلاثة محافظين إلى قائمتهم، بينهم مطهري، وقد فازوا جميعاً. وترأس قائمة الإصلاحيين في طهران محمد رضا عارف، المرشح الإصلاحي السابق للانتخابات الرئاسية في عام 2013، والذي انسحب يومها لمصلحة روحاني، ما أتاح للأخير أن يفوز بالرئاسة من الجولة الأولى.
روحاني حقّق إنجازاً آخر بفوزه في المرتبة الثالثة في مجلس خبراء القيادة، فيما تصدر الرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني نتائج الانتخابات الأولية لهذا المجلس في محافظة طهران. وحصل رئيس السلطة القضائية صادق آملي لاريجاني على غالبية الأصوات في محافظة مازندران، ليكون الممثل الأول للمحافظة في مجلس خبراء القيادة، فيما حصل خطيب جمعة طهران أحمد خاتمي على غالبية الأصوات في محافظة كرمان لانتخابات مجلس خبراء القيادة. وبحسب النتائج الجزئية، أقصي من عضوية مجلس الخبراء رجلا دين محافظان ومعروفان، هما الرئيس الحالي لمجلس الخبراء محمد يزدي، ومحمد تقي مصبح يزدي.
وهذا المجلس المؤلف من 88 رجل دين ينتخبون لثمانية أعوام، مكلّف تعيين المرشد الأعلى. وقد تزامنت انتخابات مجلس خبراء القيادة مع انتخابات مجلس الشورى، فيما ناهزت نسبة المشاركة في الاقتراعين ستين في المئة، بحسب ما أعلنه المتحدث باسم وزارة الداخلية حسين علي أميري.
وبالتزامن مع صدور النتائج الأولية، اعتبر المرشد الأعلى علي خامنئي، في رسالة تليت عبر التلفزيون، أن "تقدم البلاد هو الهدف الرئيسي" و"أمام البرلمان المقبل مهمات كبيرة"، محذراً من "تقدم مصطنع من دون استقلال ولا وحدة وطنية".
وأكد خامنئي أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية تفتخر بشعبها وبصلابة قوانينها، التي أوجدت هذه الفرص السانحة لتنشيط القوى الوطنية".
خامنئي ذكّر المسؤولين الإيرانيين بأن "تقديم الشكر جدير بالذين يقدمون الخدمات الخالصة للشعب والبلاد والنظام الإسلامي، ويتميزون ببساطة العيش والنزاهة والوجود المستمر في مواقع المسؤولية، ويرجحون المصالح الوطنية على المصالح الشخصية والفئوية، ويتصدون بشجاعة للتدخلات الأجنبية، ويتخذون مواقف ثورية حيال مخططات الأعداء والخونة". ولفت إلى أن "المرحلة الراهنة حساسة جداً، تتطلب حساسية ويقظة وعزماً راسخاً من الجميع، ولا سيما مسؤولي البلاد".
بدوره، أكد الرئيس روحاني في تغريدة، عبر حسابه على موقع "تويتر"، أن "الناخبين خلقوا أجواء جديدة". وأعرب روحاني عن تقديره للمشارکة الحماسية والملحمية والواعية للشعب في الانتخابات، "التي فتحت صفحة ذهبية أخری في تاريخ السيادة الشعبية الدينية"، شاکراً في الوقت ذاته المرشد الأعلى "الذي دعا أبناء الشعب إلی مشارکة واسعة في الانتخابات".
أما رفسنجاني، فقد أكد، في تغريدة، أن "لا أحد يمكنه مقاومة إرادة غالبية الشعب، ومن رفضتهم الغالبية عليهم أن ينسحبوا".
كذلك، أعرب الحرس الثوري عن تقديره لمشاركة الشعب الإيراني الحماسية والواسعة في الانتخابات، مؤكداً في بيان أن هذه "الملحمة أثبتت، مرة أخرى، التزام جميع الإيرانيين بأهداف وقيم الثورة الإسلامية وبيعتهم الراسخة لقائد الثورة الإسلامية والجمهورية الإسلامية في إيران".
في غضون ذلك، أعلن وزير الأمن محمود علوي، إلقاء القبض على فريقين إرهابيين في جنوب شرق وشمال غرب إيران. وقال إن "أبناء الشعب الإيراني في وزارة الأمن أفشلوا عمليتين إرهابيتين، وقد تم إلقاء القبض على فريق إرهابي يضم 4 أشخاص قبل يومين من إجراء الانتخابات".
وأضاف أن "الحالة الأولی کانت في يوم 8 شباط الحالي، أي قبل 18 يوماً على إجراء الانتخابات، وقد تم القضاء على الفريق الإرهابي في المناطق الحدودية في جنوب شرق إيران". وأشار إلى أن "هذا الفريق کان ينوي تفجير قنبلتين يدويتين وکمية من المتفجرات والصواعق الانفجارية وجهاز التحكم عن بعد وقنبلة مغناطيسية".
ولفت علوي إلی أنه "تم اکتشاف تيار إرهابي في شمال غرب البلاد"، مؤکداً أن "إحدی المجموعات الإرهابية في خارج الجمهورية الإسلامية التي کانت تنوي التسلل إلی داخل البلاد قد تمت مراقبتها وتم إلقاء القبض علی 4 من عناصرها في يوم 24 شباط".
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)