أبدت ألمانيا أمس، في مؤتمر «مجموعة العشرين» في مدينة شانغهاي الصينية، معارضتها الشديدة لأن تتبنى دول المجموعة خطط إنعاش جديدة، عبر التوسع في الإنفاق العام وفي التحفيز النقدي، معارضة بذلك توجه غالبية هذه الدول في مواجهة تباطؤ النمو الاقتصادي عالمياً.
وفي المؤتمر الذي ضم وزراء المالية وحكام المصارف المركزية للدول العشرين، حذّر وزير المال الألماني، ولفغانغ شويبله، من أن «نموذج النمو المبني على المديونية وصل إلى أقصى إمكاناته»، وأن المحاولات لتعزيز النشاط الاقتصادي من خلال السياسة التوسعية قد تأتي بـ«نتيجة عكسية»، قائلاً إن هذه الخطط «فقدت من فاعليتها».
شويبله: نموذج النمو المبني على المديونية وصل إلى أقصى إمكاناته

وتتجه المصارف المركزية لغالبية الدول الكبرى إلى الاستمرار في استخدام أدواتها النقدية في سياق سياسة تحفيزية، مع حفظ الفوارق بينها. ويبدو البنك المركزي الأوروبي على استعداد للتحرك بصورة أنشط في هذا الإطار (عبر سياسة التسهيل الكمي أو النقدي)، وذهب البنك المركزي الياباني أبعد من ذلك، فاتخذ قراراً بفرض معدلات فائدة سلبية، على أمل تحفيز القروض، في ظل الخوف من استمرار الركود وانهيار الأسعار. أما الاحتياطي الفدرالي الأميركي، فبات أقل ميلاً إلى السياسة التحفيزية، مترجماً ذلك برفع معدلات فائدته الأساسية نهاية العام الماضي، وذلك فيما أكد البنك المركزي الصيني أمس عزمه على الحفاظ على «هامش تحرك» لسياسته النقدية.
لكن شويبله رأى أن «البحث في خطط إنعاش جديدة لا يؤدي إلا إلى تحويل اهتمامنا عن المهمات الحقيقية التي علينا العمل عليها»، في إشارة إلى ما يُسمى الإصلاحات البنيوية. ورأى الوزير الألماني أن السياسات النقدية التي تتبعها دول المجموعة «متساهلة بصورة بالغة، إلى حد أنها قد تأتي بنتيجة عكسية، في ضوء مفاعيلها المضرة».
وردّ حاكم البنك المركزي البريطاني، مارك كارني، قائلاً إن «بعض المعلقين يتناقلون مقولة مفادها أن السياسات النقدية استنفدت ذخائرها»، في حين أن العالم «في خطر أن يجد نفسه في مأزق ما بين نمو رديء وتضخم ضعيف ومعدلات فائدة متدنية جداً»، مضيفاً أن خطط الإنعاش النقدي يمكن أن «تسمح بكسب الوقت من أجل تطبيق الإصلاحات البنيوية». ورأى وزير المال الفرنسي، ميشال سابان، أنّ من المناسب «تطبيق برنامج عالمي للإنعاش المالي»، لافتاً إلى أن بعض الدول «قد تكون لها قدرات أكبر، وعليها استخدام قدراتها المالية لدعم النمو العالمي». ويتفق هذا الموقف مع الدعوة الأخيرة التي وجهتها واشنطن، حيث رأى وزير الخزانة الأميركي، جاك ليو، أن سياسات الإنعاش النقدي والمالي «هي أدوات قوية عند استخدامها بشكل منسّق». وقال مسؤول أميركي آخر، طالباً عدم كشف اسمه، إن «من المهم بشكل متزايد... أن تقوم الدول التي تملك هامشاً مالياً باستخدامه من أجل تعزيز طلبها الداخلي».
(أ ف ب)