لم تضيّع حكومة حزب العدالة والتنمية الوقت في استثمارها للتفجير الانتحاري الذي هزّ قلب العاصمة أنقرة أول من أمس، حيث دعت أمس وزارة الخارجية التركية سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، ورئيس بعثة المفوضية الأوروبية إلى تركيا، والسفير الهولندي، والسفير الألماني لإطلاعهم على تفاصيل الهجوم.
وبحسب مصادر دبلوماسية تركية، تقدّمت الوزارة بدعوة كل من السفير الأميركي، جون باس، والسفير الألماني، مارتين أردمان، والسفير الروسي، أندري كارلوف، والسفير البريطاني، ريتشارد مور، والسفير الفرنسي، تشارلز فرايز، والسفير الصيني، يو هونغ يانغ، والسفير الهولندي، كورنيلس فان ري، الذي تترأس بلاده الآن الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، ورئيس بعثة المفوضية الأوروبية إلى تركيا، هانسورغ هابر. وبحسب المصادر المذكورة، فإن مستشار وزارة الخارجية التركية، فريدون سينيرلي أوغلو، أجرى لقاءات مع السفراء المذكورين، كل على حدة. وكان رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، قد قال في تصريحات له أعقبت التفجير، إنه سيعطي تعليمات لوزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، لدعوة سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وسفراء الدول الصديقة والحليفة، لتسليمهم ما وصفه بالمعلومات والوثائق المتعلقة بالعملية.
أغار الطيران التركي على أهداف للكردستاني في العراق

وبعد وقت قصير من وقوع التفجير الانتحاري في أنقرة، ادعى داود أوغلو امتلاك حكومته معلومات تثبت تورط حزب العمال الكردستاني و«وحدات حماية الشعب» التابعة لحزب الاتحاد الديموقراطي في العملية، داعياً جميع الدول، بما فيها الولايات المتحدة وروسيا، إلى التخلي عن دعم «الوحدات» (التي تقاتل تنظيم «الدولة الإسلامية»)؛ وذلك فيما أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أن حكومته سلّمت «جميع الأدلة» حول تورط الحزبين المذكورين في التفجير «للأصدقاء الذين حاولنا إقناعهم سابقاً بوجود صلات متينة بين حزب العمال وحزب الاتحاد الديموقراطي، لكنهم لم يصدقوا كلامنا آنذاك».
ورغم نفي مسؤولين في الحزبين المذكورين علاقتهما بالتفجير، وبعد ساعات فقط على وقوع العملية الانتحارية، شن الطيران الحربي التركي غارات على أهداف لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق، بناءً على معلومات استخبارية أفادت عن وجود عشرات المقاتلين هناك، بينهم قيادي، حسبما أعلن الجيش التركي؛ وذلك فيما أعلن داود أوغلو أن 70 مقاتلاً كردياً قُتلوا في هذه الغارات. ومنذ يوم السبت الماضي، تقصف المدفعية التركية، بوتيرة يومية، مواقع تسيطر عليها وحدات حماية الشعب في مناطق سورية قريبة من الحدود التركية.
في هذا الوقت، أعلن الجيش التركي أمس أن 6 من أفراد قوات الأمن قُتلوا، وأُصيب سابع بجروح خطيرة، في تفجير استهدف آلية عسكرية في مهمة لرصد الألغام الأرضية، على طريق في
ولاية ديار بكر، في جنوب شرق تركيا، الذي تقطنه غالبية كردية. وفي الوقت نفسه، أعلنت رئاسة الأركان التركية مقتل 6 من مقاتلي حزب العمال الكردستاني في ولايتي شرناق وديار بكر، جنوب شرق البلاد، ليصل عدد قتلى التنظيم إلى 207 منذ منتصف كانون الأول الماضي، بحسب بيان هيئة الأركان.
وفي الشأن الأمني أيضاً، أعلن أمس والي إسطنبول، واصب شاهين، رفع الإجراءات الأمنية في المدينة، إلى أعلى مستوى، على خلفية تفجير أنقرة. وقال شاهين «إننا على أعلى درجة من الحيطة والحذر، منطلقين في ذلك من خبراتنا السابقة مع الأحداث المشابهة، ومن المعلومات الاستخبارية التي وصلتنا». وبعد إعلانه المرعب هذا، دعا شاهين المواطنين إلى التحلي بالهدوء وعدم الاستسلام للفزع، قائلا إن الهدف الأصلي للإرهابيين هو خلق مناخ من الاضطراب والخوف. وأضاف شاهين أن قوات الشرطة والدرك وأجهزة الاستخبارات تعمل بكامل طاقتها لدرء الخطر الإرهابي.

(الأخبار، أ ف ب، رويترز، الأناضول)