في سابقة من نوعها، تستضيف الولايات المتحدة قمة لقادة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، في منتجع «سانيلاندز» في كاليفورنيا، حيث يُتوقّع أن يفرض الرئيس باراك أوباما، الصراع في بحر الصين الجنوبي واتفاقية «الشراكة عبر المحيط الهادئ» للتجارة الحرة، في مقدمة جدول الأعمال، وذلك في سياق محاولة واشنطن تكريس هيمنتها على المنطقة، في وجه القوة الصينية الصاعدة.
وقال مستشار السياسة الخارجية لأوباما، بين رودس، إن «دول آسيان العشر (كمبوديا ولاوس وبروناي وإندونيسيا والفيليبين وسنغافورة وميانمار وماليزيا وتايلند وفيتنام) تشكّل معاً الاقتصاد السابع في العالم، وهي في صلب مجموعة من القضايا الأمنية الأساسية، مثل الأمن البحري ومكافحة الإرهاب ومكافحة القرصنة الإلكترونية».
وأوضح رودس، بصريح العبارة: «نريد توجيه رسالة واضحة بأن الولايات المتحدة ستكون على طاولة المحادثات، وستحاول تحديد أطر للخلافات في آسيا للعقود المقبلة»؛ وذلك وسط الادعاءات الكثيرة الواردة على لسان العديد من المسؤولين الأميركيين، والقائلة إن القمة «ليست موجهة ضد الصين».
يشكك مراقبون في نجاح أوباما بـ«دق إسفين بين آسيان والصين»

وتغذّي واشنطن الخلافات بين عدد كبير من دول آسيان وبيكن حول السيادة على أجزاء من بحر الصين الجنوبي، المعبر الاستراتيجي للتجارة العالمية والغني بالثروات النفطية والسمكية. وتثير كذلك ضجيجاً حول إنشاءات صينية على جزر «سبراتلي» ذات الموقع الاستراتيجي، فيما تزيد بحريتها بتحرشات مستمرة في ما تعتبره الصين مجالها السيادي في هذه المنطقة.
وقال دبلوماسيون إن أحد أهداف القمة هو تبني موقف موحّد إزاء هذه المسألة الحساسة، في حين من المفترض أن تصدر محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي حكمها في هذه القضية خلال الأشهر المقبلة، علماً أن الصين كانت قد رفضت الخضوع لهذه الهيئة التحكيمية.
ويشكك مراقبون في أن أوباما قد نجح فعلاً في «دق إسفين بين المنظمة (آسيان) والصين»؛ فوفق الكاتب في صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية، آي جون، اعتمدت دول الرابطة، في السنين الماضية، على المظلة الأمنية للولايات المتحدة، في الوقت نفسه حين اعتمدت على الصين لدفع اقتصاداتها. ويقول جون إن الدول هذه «تبدو حريصة على أن توازن بين العاملين، بهدف تعظيم مكاسبها».
ويرى جون أن أمام الولايات المتحدة طريقاً طويلاً لتلحق بالصين على صعيد إلحاق اقتصادات هذه الدول بها، مشيراً إلى أن الأخيرة هي الشريكة التجارية الأكبر لهذه الدول منذ عام 2009، وأن التجارة بين الطرفين ارتفعت إلى أكثر من 480 مليار دولار عام 2014، مع طموح إلى رفعها إلى تريليون دولار بحلول 2020.
ويلفت جون، أيضاً، إلى أن دول الرابطة تعمل راهناً على بناء روابط اقتصادية أمتن مع الصين، عبر الانضمام إلى «البنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية»، وكذلك إلى مشروع «الطريق الواحد والحزام الواحد» (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير الجديدة).
في سياق متصل، تستمر الولايات المتحدة بالتذرع بـ«الخطر» الذي تمثّله كوريا الشمالية على «أمنها القومي» لتعزيز حضورها العسكري في شرق آسيا، عملاً باستراتيجية «إعادة التموضع» التي رفعها أوباما شعاراً. وبعدما أعلنت واشنطن نيتها نشر منظومة دفاع جوي صاروخي بعيد المدى (THAAD) في كوريا، بذريعة إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً بالستياً وضع قمراً اصطناعياً في المدار، وعد الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، بوضع المزيد من الأقمار الاصطناعية في المدار، متحدياً العقوبات.
وقال كيم، خلال حفل عشاء تكريمي للعلماء والفنيين والمسؤولين الذين شاركوا في عملية إطلاق الصاروخ في 7 شباط الجاري، إن مهمتهم تأتي «في زمن معقّد، يتطاير فيه الشرر من عيون القوى المعادية أكثر من أي وقت مضى من أجل خنق» كوريا الشمالية. ودعا المكرَّمين إلى البناء على هذا النجاح من أجل «تحقيق أهداف أكبر، وبالنتيجة إطلاق المزيد من الأقمار الاصطناعية».
في غضون ذلك، دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، هونغ لي، أمس، الولايات المتحدة وكوريا الشمالية إلى الجلوس معاً إلى طاولة المفاوضات لحل مشكلاتهما، درءاً للتوتر المتصاعد في شبه الجزيرة الكورية.
وبرغم أن إطلاق الصاروخ الكوري الشمالي قد أغضب بكين، فإن الأخيرة، ومعها موسكو، قد رأتا أن خطط واشنطن وسيوول لنشر نظام الدفاع الصاروخي المشار إليه، تهديد لأمنهما.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)