يتتابع تكشّف التفاصيل حول «حادثة غرق مركب سياحي» في بحيرة ماجوري شمالي إيطاليا، بعدما اعترف جهاز «الموساد» بمقتل ضابطه، إيريز شمعوني (50 عاماً)، فيها، إضافة إلى عنصرَين من المخابرات الايطالية، و«مواطنة» روسية، يوم الأحد الماضي.
فعند وقوع «الحادثة»، ذكرت صحف إيطالية أن مركباً كان يحمل 20 شخصاً غرق جرّاء هبوب عاصفة، ليُعلَن في وقتٍ لاحق أن الأشخاص هم عناصر من جهاز العمليات الخاصة الخارجية الإسرائيلي («الموساد»)، وعناصر من المخابرات الإيطالية، وأن أربعة منهم لقوا مصارعهم بعدما استأجروا بيتاً عائماً في «ماجوري»، مشيرةً إلى أن تواجدهم على متنه كان في إطار «لقاء استخباري» وليس «احتفالاً بعيد ميلاد»، كما راج ابتداءً. وفي وقت لاحق، كُشف أن الاجتماع المذكور عُقد بهدف البحث في آليات مراقبة رجال أعمال روس رفيعي المستوى، وصلوا أخيراً إلى إحدى الجزر في شمال إيطاليا واشتروا بيوتاً هناك، وبدأوا بترميمها، قبل مغادرتهم «بصورة مفاجئة».
وذكرت صحف إسرائيلية، بينها «معاريف» و«هآرتس»، أن عناصر الموساد والاستخبارات الإيطالية «أجروا مداولات للتوافق على آليات مراقبة رجال الأعمال الروس الذين يقطنون في شمال إيطاليا». ونقل محلّل الشؤون الأمنية في «هآرتس»، يوسي ميلمان، عن صحيفة «كوريرا دي لا سيرا»، أوسع الصحف الإيطالية انتشاراً، أن «رجال الأعمال الروس كانوا متّهَمين بالتورّط في تزويد روسيا بمسيَّرات هجومية إيرانية»، لا تفتأ تثير قلق الدوائر العسكرية والأمنية في تل أبيب؛ إذ أن توريد طهران هذه المسيّرات إلى موسكو لاستخدامها في الحرب الأوكرانية، عزّز المكانة الإقليمية والدولية لإيران، فاتحاً المجال لتوسيع التعاون بينها وبين روسيا. كذلك، تُقدّر الدوائر الأمنية في إسرائيل أنه في مقابل تزويد موسكو بهذه المسيّرات، زوّدت الأخيرة طهران بصواريخ غربية اغتنمتها من الحرب القائمة، لتمكين إيران من الإلمام بالتكنولوجيا التي قامت عليها تلك الصواريخ، وإنتاج أنظمة دفاعية مضادّة لها، أو صواريخ هجومية على غِرارها.
وبالعودة إلى «حادثة ماجوري»، حرص «الموساد» على التأكيد أن ضابطه شمعوني متقاعد، إلّا أن قناة «كان»، التابعة لهيئة البثّ الإسرائيلية، أوضحت، أن «عناصر الموساد يواصلون المشاركة في أنشطة عملياتية حتى بعد تقاعدهم».
وفي وقتٍ سابق، كشفت صحيفة «معاريف» أن العملاء الإسرائيليين، وعددهم 10، غادروا إيطاليا في رحلة عسكرية إسرائيلية على عجل صباح الثلاثاء الماضي، تاركين وراءهم السيارات المستأجرة التي استخدموها في الرحلة. وبحسب موقع الصحيفة، فإن «ضباط الاستخبارات الإيطاليين والإسرائيليين حضروا اجتماعات سرّية في إقليم لومباردي، تبادلوا خلالها معلومات ووثائق سرّية. وبسبب طول الاجتماعات، تأخّر الإسرائيليون عن موعد رحلة الطيران، وقرّروا تمديد إقامتهم وقضاء عطلة نهاية الأسبوع في المنطقة». وطبقاً لـ«معاريف»، فإن أحد ضباط الاستخبارات الحاضرين في الاجتماعات يعرف قبطان السفينة، وعرض عليه الإبحار بيخته لـ«الاحتفال بعيد ميلاد زميله»، فيما أظهر التحقيق أن القبطان تجاهل التنبؤات الجوية التي نبّهت إلى أن البحر كان هائجاً، والرياح يمكن أن تصل سرعتها إلى 100 كلم في الساعة، إلى درجة تأجيل الرحلات الجوية في المنطقة.
وبحسب التحقيقات، فإن القبطان الذي فقد شريكته في انقلاب اليخت السياحي - يبدو أنها المواطنة الروسية - حمل ما بين 23 و25 راكباً على قاربه الذي يبلغ طوله 15 متراً فقط، على رغم أن سعته لا تتعدّى 15 شخصاً. وفي السياق قالت «معاريف»: «بدا الأمر كأنه حادث روتيني، لكن الغموض المحيط بهوية الغريق والأحداث التي أعقبت حادث انقلاب القارب السياحي أثارا الكثير من التساؤلات». وهو ما تقاطع مع ما قاله المعلّق العسكري الإسرائيلي، نير دفوري، من أن «الحكومة الإيطالية سارعت إلى الإعلان أن الأمر يتعلّق بحادث نتيجة حالة الطقس وعطل في القارب، وليس نتيجة عمل تخريبي». لكن الإعلام الإيطالي لم يتأخّر في التشكيك في طبيعة الاجتماع، الذي كشفت صحيفة «كورييري ديلا سيرا» الإيطالية أنه كان لقاءً سرّياً بين وكلاء استخبارات إيطاليين وإسرائيليين. أما صحيفة «لا ريبوبليكا» فذكرت أن كان على متن اليخت 25 عميلاً من جهاز الاستخبارات الإيطالي وجهاز «الموساد» الإسرائيلي، مشيرةً إلى أن «تل أبيب أعادت، ضمن عملية سرّية، 10 عملاء استخبارات من الموساد كانوا مشاركين في الاجتماع، عبر طائرة عسكرية لسلاح الجو الإسرائيلي». وأضافت الصحيفة أنه بعد حادثة انقلاب القارب السياحي، تمّ تخليص وإخراج عملاء الاستخبارات الإيطاليين ضمن عملية سرّية من غرف الطوارئ كي لا يتمّ الكشف عن هويّاتهم.
------------