غزة | لأوّل مرّة في تاريخ الصراع مع العدو، ترى فصائل المقاومة الفلسطينية أنها أمام فرصة سانحة كبرى لتوجيه ضربات ذات طابع استراتيجي لدولة الاحتلال. وبعدما تمّ تفعيل 4 جبهات فلسطينية في مواجهة إسرائيل خلال السنوات الماضية، تتطلّع الفصائل، اليوم، إلى المشاركة في معركة متعدّدة الجبهات مع قوى محور المقاومة، يُنظَر إليها على أنها ستكون مفصلية في مسار المواجهة. وبحسب مصدر في المقاومة الفلسطينية تحدّث إلى «الأخبار»، فقد «تابعت المقاومة، خلال العامَين الماضيَين، التدريبات المكثّفة التي أجراها جيش الاحتلال تحت عنوان الحرب المتعدّدة الجبهات». ويكشف المصدر أنه «باتت هناك قناعة لدى جميع الأجنحة العسكرية للفصائل بضرورة التحرّك بشكل منسّق داخلياً على مستوى الجبهات الفلسطينية، والاستعداد لتطوير هذا الأمر لتشكيل جبهات جديدة، والتكاتف مع محور المقاومة لتفعيل الساحات المختلفة، وعدم السماح للاحتلال بالتفرّد بواحدة دون أخرى».وكانت أجمعت الفصائل الفلسطينية، خلال سلسلة لقاءات سياسية وأخرى عسكرية شهدها العامان الماضيان، على ضرورة توحيد الجهود العسكرية، وتدعيم جبهة الضفة الغربية خصوصاً، مع إفساح المجال لتطوير العمل المقاوم فيها، و«منع العدو من نقل المعركة دائماً إلى قطاع غزة لتهدئة الجبهات الأخرى»، بحسب المصدر نفسه، الذي يؤكّد «وجود غرفة عمليات مشتركة بين المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة، تنسّق التجهيزات للمواجهة القادمة مع الاحتلال». ويوضح أن «طريقة عمل المقاومة لم تَعُد كما في السابق، بل باتت مبنيّةً على أساس استراتيجيات جديدة»، جازماً أن «المعركة المتعدّدة الجبهات التي تعدّ لها المقاومة ستكون فارقة في تاريخ المواجهة مع العدو».
وتأتي هذه الاستعدادات في وقت استطاعت فيه المقاومة الفلسطينية، من خلال ربطها الساحات الداخلية بعضها ببعض وانخراطها في التجهّز للحرب الشاملة، ترسيخ معادلة جديدة مع العدو، عنوانها أن الاعتداء - بما يتجاوز الخطوط الحمر خصوصاً - على أيّ جبهة من جبهات المواجهة، سيفتح الباب على ردود متزامنة وعابرة للحدود لم تَخبرها إسرائيل من قَبل. وبحسب ما علمته «الأخبار»، فإن حركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، واللتين خاضتا عدّة حروب مع الاحتلال في العامَين الماضيين، جدّدتا تفاهماتهما على «المواجهة المشتركة، وعدم السماح للعدو بالتفرّد بفصيل أو جبهة، والتنسيق مع محور المقاومة خلال الفترة المقبلة ضمن استراتيجية إنهاك الاحتلال واستنزافه وتقليص خياراته في التحرّك ضدّ جبهات المقاومة».
من جهتها، رأت صحيفة «هآرتس» العبرية، في مقال الأسبوع الماضي، أن الجولة الأخيرة التي اشتركت فيها عدّة جبهات، هي نموذج إضافي من الاستراتيجية الطويلة الأمد لدى المقاومة في غزة ولبنان، والمستوحاة من إيران، والمتمثّلة في «إنهاك إسرائيل من خلال عملية استنزاف حتى الدمار»، مضيفة «أنّنا الآن، نواجه عاصفة مثالية محتملة، كانت وكالات الاستخبارات الإسرائيلية تحذّر منها منذ شهور». وتابعت الصحيفة أن «إسرائيل تواجه جهات تسعى إلى جرّها نحو حربٍ متعدّدة الجبهات على طول حدودها».