بغداد | استضاف العراق، على مدى السنوات الثلاث الماضية، برعاية رئيس مجلس الوزراء السابق، مصطفى الكاظمي، سلسلة جولات ومحادثات بين الرياض وطهران، استهدفت استعادة العاصمتَين علاقاتهما المقطوعة. ومِن بَعد الكاظمي، واصل رئيس الحكومة الحالي، محمد شياع السوداني، لعب دور الوساطة لإنهاء القطيعة المستمرّة منذ عام 2016. ومن هنا، لاقت عودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، ترحيباً واسع النطاق في العراق، فيما وصفها سياسيون وشخصيات محلّية مؤثّرة بأنها «جيّدة»، معتبرين أنها ستسهم في استقرار البلاد. وحول ما بذله العراق من جهود كبيرة في ذلك، يقول المتحدّث باسم الخارجية العراقية، أحمد الصحاف، لـ«الأخبار»، إن «الاتّفاق بين الطرفَين يحمل ثماره الإيجابية، وسيخلق مناخاً جديداً للتفكير في مصالح المنطقة»، مضيفاً أن العراق «يسعى إلى منطقة وبيئة آمنتيْن تعزّزان فرص التنمية، ولا يكون ذلك إلّا من خلال الإرادة الجماعية والتعاون ونبْذ الخلافات». ويشير الصحاف إلى أن «العراق يدشّن مرحلة جديدة من الفرص الجيّدة في بناء العلاقات الإيجابية، ورؤية جديدة لخفض التوتّر من خلال الحوار الدبلوماسي لا النزاعات»، معرباً عن أمله في أن «يجد الاتّفاق الثنائي حلولاً لملفّات مستعصية»، معتبراً أن «تحسين العلاقة بين بلدَين مجاورَين لنا، سينعكس إيجاباً على كلّ الصعد، الأمنية والاقتصادية والسياسية وحتى الاستثمارية».بدوره، يصف رئيس لجنة العلاقات الخارجية النيابية، عامر الفائز، دور العراق في التقارب السعودي - الإيراني بـ«التاريخي»، معتبراً أن «الفضل فيه يعود إلى المساعي الدبلوماسية للحكومة السابقة، وتتويجها من قِبَل حكومة السوداني في إنهاء القطيعة غير المرغوبة بين البلدَين». ويعتقد الفائز، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «عودة العلاقات بين دولتَين مجاورتَين للعراق، ستعني تعافي البلاد وإبعادها عن النزاعات والأزمات التي تشهدها المنطقة جرّاء سياسات العنف بين الدول المتصارعة»، مضيفاً أن «تطوُّر العلاقات واستقرارها بين السعودية وإيران، سيمنحان العراق فرصاً كبيرة في مجال الاقتصاد والأمن والتجارة والاستثمار». ويَلفت إلى أنه «خلال السنوات الماضية، كان العراق ضحيّة صراعات دول أخرى، ولا سيما أن تلك الدول استخدمت البلاد ساحة لتصفية حساباتها وخلافاتها التي أثّرت على المشهدَين الأمني والاقتصادي كثيراً».
من جهته، يشدّد الباحث المتخصّص في العلاقات الدولية، عبد الرحمن الجبوري، على ضرورة أن «يستفيد العراق من الهدنة بين السعودية وإيران»، معتبراً أن «الوقت الحالي مناسب لتصحيح الأخطاء التي ارتكبتْها الحكومات السابقة في طبيعة علاقاتها مع الدولتَين»، مضيفاً أنه «يجب التفكير بماذا سيستفيد العراق من البُلدان الثلاثة المُوقِّعة على الاتفاقية وأين المصلحة منها؟ ومن ثمّ التوجّه إلى صياغة استراتيجية دبلوماسية تجعل العراق منطلقاً لكلّ المنطقة». ويرى الجبوري، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «وضع الإقليم مهيَّأ لاستقرار العراق وبنائه، في ظلّ انحلال الضغط الإيراني والسعودي، والذي قد يتيح له حرّية التحرّك والبناء بعيداً عن الأزمات والتجاذبات التي قيّدته طوال السنوات السابقة».
وفي الاتّجاه نفسه، يعتقد الكاتب والمحلّل السياسي، داوود القيسي، أن حكومة السوداني أمام «فرصة تاريخية» لاستثمار علاقاتها مع دولتَين صديقتَين مِن مِثل إيران والسعودية، مشيراً، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «الحكومات السابقة كانت تتحجّج بالتدخّلات الإقليمية وانعكاس صراعاتها داخل الساحة السياسية. الآن المعادلة اختلفت. الجميع أصبحوا أصدقاء للعراق. لذلك، فإن على الحكومة الإسراع في عقْد اتّفاقات أمنية واقتصادية، وأيضاً التنسيق والتعاون المشتركيْن مع دول المنطقة في كلّ المجالات لتحقيق الاستقرار ولو بشكل نسبي للعراق».