حمّلت المعارضة «النظام الرئاسي» الذي أَضعف «هيئة إدارة الكوارث» مسؤولية الأضرار الناجمة عن الزلزال
ومع أن البيان لم يأت على ذكر الانتخابات الرئاسية والنيابية، وما إذا كانت المعارضة تريد تأجيلها أو لا، إلّا أن السجال حول موعد الاستحقاق لم يتوقّف، سواء من طرف السلطة أو خصومها. ولعلّ أبرز ما ورد في هذا المجال، تحذير القيادي السابق في «حزب العدالة والتنمية»، بولنت أرينتش، من أنه «إذا لم يتمّ تأجيل الانتخابات، فإن المعارضة ستندم، وستعمّ الفوضى»، داعياً الأحزاب إلى الاجتماع لتقرير مصير الاستحقاق. وفي هذا الإطار أيضاً، تنقل صحيفة «غازيتيه دوار» عن أوساط الحزب الحاكم، قولها إن «اللجنة العليا للانتخابات» في صدد التحضير للانتخابات على أساس أنها قائمة إمّا في 14 أيار أو في 18 حزيران المقبل. وبحسب مسؤول في الحزب، تحدّث إلى الصحيفة، فإنه «يمكن أن يكون هناك تقييم للانتخابات، ولكن لن يكون هناك تأجيل». وتفيد معلوماتها أيضاً بأن «العدالة والتنمية» وشريكه «حزب الحركة القومية»، «لا ينظران بحرارة إلى فكرة تأجيل الانتخابات»، إذ ترى أوساطهما أن «اللجنة العليا للانتخابات يمكن أن تجترح حلولاً، مع مَيل لدى الحزبَين إلى عدم التأجيل، لأن من شأنه أن يخلق علامات استفهام دستورية يمكن أن تُسهم في تراجع أصوات مؤيّديهما». وتضيف هذه الأوساط أن «لجنة الانتخابات ستقوم أوّلاً بدراسة الوضع الميداني، وتحديث السجلات في المدن والقرى بعد موت الآلاف من المواطنين، وهجرة نحو مليونَين من أماكن سكنهم»، على أن تبحث أيضاً «في مشكلات مِن مِثل: أين يمكن المهاجرين أن يقترعوا؟ وبالتالي، أين أصبحت عناوين سكنهم الجديدة. وأين يمكن وضع صناديق الاقتراع، وهل الوقت كافٍ حتى 14 أيار لذلك، أم أن الأفضل العودة إلى الموعد الأصلي في 18 حزيران؟». وبحسب ما أوردته كبرى بار المؤيّدة للسلطة، في صحيفة «خبر تورك»، فإنه «لا تأجيل للانتخابات النيابية، بل إن حزبَي العدالة والتنمية والحركة القومية سيجريانها في 14 أيار، إذ تعتقد أوساطهما أن عدم تسمية المعارضة لمرشّحها في اجتماع السبت يعكس خلافات في ما بينها، وأنها غير جاهزة للاستحقاق، وهذا ما يجعل إردوغان يتحدّى ويعلن إجراء الانتخابات في موعدها. كذلك، فإن حالة الطوارئ ستستمرّ حتى 7 أيار، وإلى حينه ستكون الدولة قد ضمّدت إلى حد كبير الجراح وآوت المنكوبين». وتقول بار إنه «في وقت يضيّع فيه البعض وقتهم بالحديث عن تأجيل الانتخابات، يمكن ان نستفيق «فجأة ذات صباح» على خبر إجرائها».
وفي صحيفة «صباح»، يلفت برهان الدين دوران المقرّب جدّاً من الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إلى أن «الأنظار تتجه، بعد أخذ العِبر من الزلزال والتفرّغ لكيفيّة تخفيف الآلام عن المنكوبين، إلى الخطاب السياسي الذي سيسود عشيّة الانتخابات والذي سيكون الزلزال عنوانه الأبرز، وما الذي سيقوله كل طرف لناخبيه وتصوّره لأيّ تركيا بعد الزلزال». ويقول دوران إن إردوغان سيشرح للمواطنين ما الذي فعلته وستفعله الدولة لمحو آثار الزلزال، وسيطلب تجديد الثقة به «كما في مواجهة الفوضى سابقاً، كذلك في مواجهة آثار الزلزال حالياً»، معتبراً أنه «إذا كان من رجل يمكنه أن يواجه بنجاح آثار الزلزال الحالي، فهو الذي واجه بنجاح وباء كورونا، كما تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، فيما المعارضة لا تملك بيدها سوى إلقاء التهم».
من جهته، يرى دنيز سيباه، في صحيفة «حرييات» الموالية للسلطة، أن الوقت الحالي هو لـ«تضميد الجراح، لكن من دون تكرار الأخطاء»، وأنه «بعد أسبوعين على الزلزال، يجب استخراج الدروس وأن نكون صادقين»، مضيفاً أنه «ليس مهمّاً لأيّ حزب تعطي صوتك، ولأيّ حزب تعطي قلبك. بل يجب أن نكون فوق السياسة. المهمّ أن نطوّر حياتنا حتى لو تطلّب الأمر تغيير كل القوانين... يجب أن نتعلّم من أخطائنا ونرسم خريطة طريق جديدة من دون إقحام السياسة. إنه زمن تشكيل حياتنا من جديد وأن يكون هذا الزلزال الأخير بتداعياته، وأن يكون ميلاداً جديداً». وفي «يني شفق» الموالية، يلفت حسين ليك أوغلو إلى أن «الدولة التركية تحرّكت بكلّ مؤسّساتها لمواجهة الزلزال، لكن لا يمكن أيّ دولة أن تقاتِل بمفردها في مواجهة كارثة كبرى مثل هذه. ومع ذلك، فقد عملت الدولة أقصى جهدها، فيما كان بعض لصوص السياسة (من المعارضة) يجلسون خلف مكاتبهم ويفركون أيديهم ويقولون: حسناً هذا الرجل (إردوغان) لن يفوز مرّة أخرى بالانتخابات. وعملوا على تحريض الأمّة للتمرّد». ويضيف: «لديّ أخبار سيئة للصوص السياسة هؤلاء: سنتغلّب على هذه الكارثة بفضل موجة التعاطف التي أوجدها التضامن بين الدولة والأمّة».
أمّا في «ميللييات» الموالية، فيرى الكاتب عباس غوتشلي أن «طبيعة الزلزال والسجالات التي ظهرت والتهم حول المسؤولية تعكس أهميّة أن يكون لنا وزارة جديدة عابرة للصراعات والتناقضات، هي «وزارة الكوارث الوطنية»، تماماً كما لدينا وزارة دفاع وطني ووزارة تربية وطنية». ويقول إن «الوزراء الذين يتولّون وزارات لها طابع «وطني»، يجب أن يكون اختيارهم من الشعب مباشرة أو بثلثَي أعضاء البرلمان»، متسائلاً: «هل هذا ممكن؟ ليس بالضرورة هكذا، ولكن يمكن إيجاد حلول مختلفة. وإلّا فسنستمرّ في عيش الآلام ونحن لا نستحق ذلك».