أخيراً، وصل الجنرال هيرتسي هليفي إلى الطبقة الـ14 في مبنى «الكرياه» في تل أبيب، ليتسلّم مهمّته الجديدة خلَفاً لأفيف كوخافي، في رئاسة هيئة الأركان العامّة للجيش الإسرائيلي، والتي بات منذ الأمس الرئيس الـ23 لها، وأوّل شخصية متديّنة تشغلها. ولم يسلم التعيين من أثر العاصفة السياسية التي تهبّ على الكيان، بفعل سعي حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية الدينية إلى «تقويض الديموقراطية»، و«إضعاف منظومة القضاء»، و«تقليص صلاحيات الجيش»، وفق ما يتّهمها به معسكر المعارضة الذي يقوده يائير لابيد، ووزير الأمن السابق، بيني غانتس. وفي خلال مراسم التعيين، غمز وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غلانت، من قناة الاتفاق الذي وقّعه حزبه، «الليكود»، مع «الصهيونية الدينية» بزعامة بتسلئيل سموتريتش، والذي بموجبه عُيّن الأخير وزيراً في وزارة الأمن ومسؤولاً عن وحدات عسكرية في الضفة؛ إذ ألمح إلى أهمّية «وحدة القيادة»، مشيراً إلى أنه «لأيّ جندي وضابط هناك قائد واحد، وفوق جميع هؤلاء هناك رئيس هيئة الأركان العامّة، المستوى الأعلى للجيش، والذي يخضع بدوره لوزير الأمن الخاضع لإمرة الحكومة». وتعهّد غلانت بحماية الجيش من الضغوط السياسية، مؤكداً «(أنّني) سأعمل لتمكين هليفي من تحقيق مسؤوليته. وذلك من خلال تأكّدي من عدم وصول الضغوط الخارجية، السياسية والقضائية وغيرها، إلى أبعد منيّ (أبعد من وزارة الأمن)، وأن لا تصل إلى بوّابات الجيش الإسرائيلي»، في إشارة إلى الاتفاق الذي بموجبه نُقلت من الجيش إلى الوزير في وزارة الأمن، سموتريتش، المسؤولية عن الوحدتَين العسكريتَين، «الإدارة المدنية» و«منسّق أعمال الحكومة في مناطق (الضفة)»، والذي انتقده كوخافي قُبيل رحيله، ووصفه بأنه «غير منطقي».أمّا نتنياهو، فكرّر «الاستعداد للدفاع عن دولتنا بكلّ قوّتنا»، مشيراً في خلال مراسم التعيين ذاتها إلى أنه «من الجائز ألّا نحتاج إلى حرب شاملة، وإنْ حصل، سيواجه الجيش الإسرائيلي هذا التحدّي وسيصمد الإسرائيليون». وأضاف: «نحن مطالَبون بإظهار حزم لتحقيق الهدف أمام هذه التهديدات، وخاصة من جانب إيران وأذرعها الإرهابية». وتوجّه إلى رئيس الأركان الجديد بالقول: «هرتسل هو اسم مُلْزم. وقد شخّص هرتسل الخطر على شعبنا ووضع خطّة عمل عملية لضمان وجودنا. وحكومة إسرائيل ترصد اليوم أيضاً الخطر، موعزةً إلى الجيش الإسرائيلي بوضع خطّة». من جهته، قال هليفي إنه «خلال 75 عاماً من استقلالنا، تحوّلنا من دولة محاطة بأعداء إلى دولة تطوّق أعداءها بقدراتها المتطوّرة، لكن ما زالت تتطوّر تهديدات كثيرة ومختلفة من حولنا: من مشكلة إيران، التي لإسرائيل مسؤولية حاسمة عن الاستعداد لحلّها، مروراً بحدود الشمال وقطاع غزة، وانتهاءً بالتحدّيات في يهودا والسامرة (الضفة الغربية). وعلى أعدائنا أن يعلموا أنّنا نعرف تنفيذ ما نقوله، ونحن مستعدّون للقيام بأمور كثيرة تتجاوز ما نقوله حتى». وتوجّه هليفي إلى سموتريتش ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، بالقول: «سنجهّز الجيش الإسرائيلي لحرب ضدّ جبهات بعيدة وقريبة، وسنوسّع التجنيد النوعي للجيش الإسرائيلي من جميع الشرائح السكّانية التي هي مصدر قوّتنا، وسنعزّز جيش الاحتياط ونحافظ على جيش إسرائيلي واحد، موضوعي، أخلاقي ومهني، بريء من أيّ اعتبار ليس أمنياً».