انشغلت روسيا، على مدى الأيام القليلة الماضية، بمقتل جنودها في الهجوم الأوكراني الصاروخي على ثكنة روسية مؤقّتة، في كلّية مهنية في مدينة ماكييفكا القريبة من مدينة دونيتسك، مركز «جمهورية دونيتسك الشعبية» المعلَنة من طرف روسيا، ليلة رأس السنة. وفي آخر تحديث لعدد الجنود القتلى جرّاء الهجوم، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن العدد ارتفع إلى 89، بعد العثور على مزيد من الجثث تحت الأنقاض. وأفاد النائب الأول لرئيس الدائرة العسكرية السياسية الأولى للقوّات المسلّحة الروسية، الفريق سيرغي سيفريوكوف، بأن لجنة تحقيق بدأت عملها لجلاء ملابسات ما حدث، مستدرِكاً بأن «السبب الرئيس... هو أن العسكريين شغّلوا واستخدموا على نطاق واسع هواتفهم المحمولة في منطقة تطاولها أسلحة العدو، بما يتعارض مع حظر» استعمالها، ومن ثمّ نجحت القوات الأوكرانية في رصدهم واستهدافهم. وكان الجيش الروسي أعلن أن الضربة، التي تُعدّ الأكبر التي تُمنى بها قوّاته منذ بدء الحرب في شباط 2022، نُفّذت باستخدام صواريخ «هيمارس» الأميركية، فيما ذكرت وسائل الإعلام الروسية أن «الضحايا جنود غير محترفين تمّت تعبئتهم حديثاً».وبينما التزمت القيادة السياسية الصمت حيال الحادث، خرجت أصوات كثيرة من سياسيين وإعلاميين محسوبين على الكرملين، تنتقد ما تَعتبره «تقصيراً مهنياً» من قِبَل القيادة العسكرية الروسية المسؤولة عن المنطقة، داعيةً إلى محاسبة المقصّرين، وتوجيه «ردّ شديد ضدّ أوكرانيا، ومِن خَلفها حلف الناتو». وفي هذا الإطار، طالبت رئيسة تحرير قناة «روسيا اليوم» المحسوبة على الكرملين، مارغريتا سيمونيان، بالإعلان عن أسماء الضباط الروس و«مدى مسؤوليّتهم» عمّا حصل، فيما شكّك سيميون بيجوف، المراسل الحربي البارز والذي منحه الرئيس فلاديمير بوتين «وسام الشجاعة» في أواخر عام 2022، في الأسباب التي سردتْها وزارة الدفاع الروسية حول الواقعة، واصفاً رواية الهواتف المحمولة بأنها غير مقنعة. واعتبر بيجوف، على قناته في «تيليغرام»، أن «أوكرانيا ربّما تكون قد تمكّنت من تحديد مواقع القوّات الروسية عبر طائراتها المسيّرة ومخابراتها وليس بالضرورة من خلال الهواتف المحمولة»، مضيفاً أن «عدد الجنود القتلى سيرتفع، بالإضافة إلى أعداد المفقودين، بناءً على معلومات موثوقة».
في هذا الوقت، أعلن الجيش الروسي مُواصلة الهجوم في دونباس على الرغم من حادث ماكييفكا، لافتاً إلى أن قوّاته نجحت في تدمير عدّة قاذفات صواريخ أوكرانية في دروجكيفكا في منطقة دونيتسك، مُوقِعةً خسائر في الأرواح. كذلك، تتواصل المعارك في مدينة باخموت التي تُعدّ حالياً أشدّ الجبهات اشتعالاً في تلك المنطقة، فيما أعلن حاكم مدينة سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم، ميخائيل رازفوجاييف، أن الأسطول الروسي صدّ هجوماً بطائرات مسيّرة أوكرانية، وأسقط اثنتَين منها. وفي المقابل، أفادت هيئة الأركان العامّة الأوكرانية بتعرّض كراماتورسك في الشرق، وزابوروجيا وخيرسون في الجنوب، لقصف روسي عنيف.
وفي موازاة الضربة التي تلقّاها الجانب الروسي، أعلن الرئيس فلاديمير بوتين بدء عمل الفرقاطة الروسية «الأدميرال غورشكوف» المجهّزة بصواريخ «تسركون»، مبيّناً أن الأسلحة القوية التي تحملها الفرقاطة «تحمي روسيا من التهديدات الخارجية»، فيما كان وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، يؤكد بدء نقل أنظمة «باتريوت» الأميركية إلى بلاده.