في السياق نفسه، يذهب الكاتب المعروف، فهمي قورو، إلى القول إنه «لا يمكن تصديق أن حزب العمّال الكردستاني لم يَقُم يمثل هذا العمل الإرهابي، ولكن لماذا يُصدر الحزب بياناً ينفي فيه تورّطه؟». ويتساءل عن معنى «وجود امرأتَين إلى جانب المتّهَمة قبل وضْع العبوة الناسفة، وذهابهما بعد ذلك مباشرة إلى المطار وعودتهما إلى بلادهما، وقد تَبيّن أنهما إسرائيليتان لم تكشف عنهما تل أبيب إلّا بعدما كشفت وكالة الأنباء الإيرانية عن جنسيّتهما؟»، خالصاً إلى أنه «لا ينبغي حصْر الاتّهام بطرف واحد. كلّ الأطراف يجب أن تكون موضع شكّ». أمّا تونجاي موللا فيس أوغلو، في صحيفة «جمهورييات»، فيرى أن تفجير إسطنبول «يعكس ضعفاً استخبارياً واضحاً، إذ إن «نجاح السلطة في اعتقال المتّهَمة بسرعة، يطرح سؤالاً عن سبب عدم اعتقالها مسبقاً ومنعها من القيام بهذه العملية، وخصوصاً أن وزير الداخلية يقول إن الدولة تعرف الإرهابيين واحداً واحداً، وتعرف أين هم، وتعرف رقم الأحذية التي ينتعلونها». وفيما يذكّر بأن «الكردستاني» نفى تورّطه بالتفجير، يتساءل: «ألا يمكن أن يكون ذلك صحيحاً؟ ولماذا لم يتبنَّ الحزب العملية؟ ألا يخلق هذا الضعف الأمني القلق من أمن العملية الانتخابية من الآن وحتى موعدها في حزيران المقبل؟».
المعركة بين تركيا و«العمّال الكردستاني» دخلت بعد تفجير إسطنبول مرحلة جديدة
من جهتها، تتساءل إيلاي آقصوي، مسؤولة الهجرة والسياسات الاجتماعية في «الحزب الديموقراطي»، عن السبب الذي يدعو وزير الداخلية «ليأتي إلى إدلب ويوزّع مفاتيح بيوت على السوريين هناك، وهل هي مسؤولية الحكومة التركية أم الدولة السورية؟»، مشيرةً إلى «خلل كبير في التدابير الأمنية، وخصوصاً أن تركيا لم تأخذ بصمات السوريين الذين دخلوا إليها حتى عام 2014، كما أنها طبّقت سياسة الباب المفتوح حتى عام 2016». وبالتالي، لا أحد يعرف «مَن هو الإرهابي، ومَن هو غير الإرهابي». وفيما يشدّد الكاتب منصور آق غون، في صحيفة «قرار»، على أنه لا يمكن استبعاد الاحتمالات الأخرى في المسؤولية عن التفجير، داعياً تركيا إلى «التعقّل»، يستغرب عثمان أوز أرصلان أن يكون الرئيس رجب طيب إردوغان على وشْك السفر إلى إندونيسيا لدى وقوع الحادثة، ولكن «الأكثر غرابة أن يكون وزير الداخلية في شمال سوريا في الوقت نفسه ليوزّع مفاتيح لبيوت جاهزة»، معتبراً أن «الرواية التركية تفتقر إلى الصدقية».
من جانبه، يتساءل باريش دوستر، في «جمهورييات»، عن مدى صدقيّة الولايات المتحدة في إدانة التفجير، في وقت تدعم فيه «العمّال الكردستاني»، و«تُتاجر مع التنظيمات المسلّحة بالوقود وتمدّها بالسلاح والتدريب»، معتبراً أن «البحث عن البعد السياسي في العملية هو الأهمّ، لأنه في السياسة لا صداقات ولا عداوات، بل مصالح متغيّرة». ويرى أن «للتفجير بعداً داخليّاً لا شكّ، وهو جاء نتيجة فشل مشروع العثمانية الجديدة والإخوان المسلمين والإسلام المعتدل، ودخول تركيا في حروب مباشرة أو بالوكالة في سوريا والدول الجارة، وفشلها في سياساتها العرقية الكردية في العراق، وتلك المذهبية السُنّية في سوريا، وفي سياسة الصفر مشكلات التي تحوّلت إلى صفر أصدقاء». وعليه، يقول دوستر إنه «لتنجح المعركة ضدّ الإرهاب، يجب تعزيز الجبهة الداخلية، واتّباع سياسات خارجيّة تعطي الأولوية لعلاقات جيّدة مع المحيط».
في المقابل، يرى رئيس فرع الجريمة المنظّمة السابق في إسطنبول، عادل سردار ساتشان، أن «أمن البلاد يأتي من خلال تعزيز الأمن الحدودي»، معتبراً أن «إنكار حزب العمال الكردستاني المسؤولية عن التفجير، يأتي لاستمرار الدعم الدولي له، وهي استراتيجية معروفة لدى الحزب عندما يسقط قتلى مدنيون لا يستطيع الاعتراف بمسؤوليّته عن مقتلهم». لكن أونال أتاباي، رئيس «مركز دراسات مكافحة الإرهاب»، يَعتبر أن «ما يَلفت هو توقيت العمليّة في ظلّ توتّر العلاقات مع اليونان، والمعارك في شمال العراق مع حزب العمّال الكردستاني، والتوتّر مع أميركا في سوريا». ووفق الكاتب، فإن «تقييم الحادثة على هذا النحو يُظهر أنها عمليّة إرهابية استخبارية على وقْع الديناميات الداخلية». وفي حين يعتقد قان قوتلو أتاتش، الأستاذ في جامعة مرسين، فإن الهجوم مرتبط بأهميّة الصوت الكردي في معركة الانتخابات الرئاسية، «وما يُعمل عليه الآن هو محاولة تفكيك الارتباط بين حزب الشعوب الديموقراطي وحزب العمال الكردستاني»، يقدّر برهان الدين دوران، في صحيفة «صباح» الموالية، أن المعركة بين تركيا و«حزب العمّال الكردستاني» دخلت بعد تفجير إسطنبول «مرحلة جديدة. يجب أن تعمل تركيا بكلّ إصرار لدى روسيا وأميركا لإقامة منطقة آمنة بعمق ثلاثين كيلومتراً في شمال سوريا»، داعياً موسكو وطهران والعواصم الغربية إلى عدم التمييز بين «إرهابي جيّد وآخر سيّئ».