مقالات مرتبطة
كانت تعديلات قد أُدخلت على دستور الجمهورية الإسلامية في تموز 1989، ومذّاك لم يطرأ عليه أيّ تغيير
ونشر إسحاق جهانغيري، النائب الأوّل للرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، أخيراً، نصّاً لقي تفاعلاً واسع النطاق في الساحة الإعلامية والفضاء الافتراضي. ورأى جهانغيري، في هذا النصّ، أنه «لا يمكن إطلاقاً تجاهل السلطة ولا صوت الشعب»، مُذكّراً بقرار صادقت عليه حكومة روحاني لتطبيق المادة 27 من الدستور، في ما يخصّ الاعتراف رسمياً بالحق في تنظيم الاحتجاجات الشعبية، لكنه «سُحب من جدول الأعمال بسبب شكاوى تَقدّم بها بعض الأشخاص والتيّارات». ورأى أنه «لو وُضع ذلك القرار موضع التنفيذ، ربّما كان سيتمّ على الأقلّ إبراز جزء من حقوق الشعب في الدستور، بما فيها احتجاجاته في السوح العامة وضرورة اهتمام المسؤولين بها». وحذّر من أنه «إنْ لم نأخذ قدرة الشعب بالاعتبار، ولم نصغِ إلى صوته ولا سيما النساء والشباب في الأوان المناسب، وإذا قمْنا بتقييد قدرة الشعب على الانتخاب، فإنه سيمارس قدرته في اتّجاهات أخرى، وفي هذه الحالة، قد يتضرّر الجميع». وفي الاتّجاه نفسه، شدّدت صحيفة «اطلاعات» على ضرورة «الإصغاء إلى احتجاجات الجماهير»، وحذرت من أن «الصوت الأحادي لا ينسجم مع المجتمع الإيراني». وكتبت الصحيفة: «يجب التسليم بأنّنا لم نستحدث آليات معتمَدة للاستماع إلى صوت الشعب، وأن مؤسّسة الانتخابات تمرّ بمشاكل في ضوء الدائرة الضيّقة لتأييد الأهلية»، مستدرِكةً بأنه «يبدو أنه برغم كلّ الجراح التي حدثت، فإن السبيل لإيجاد مخرج من هذا الوضع، يتمثّل في الجهوزية الصادقة لنظام الحُكم للاستماع إلى صوت الشعب والاهتمام به، ولتحقيق وضع كهذا، يتعيّن على السلطات الثلاث تحديد آليات ملائمة وإيجادها».
على أن الدعوة إلى إصلاح الهياكل والمسارات لم تَعُد مقتصرة على الشخصيات ووسائل الإعلام الإصلاحية، بل إن وجوهاً محافظة، مِثل محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان، باتت تتحدّث عن ضرورة «إصلاح نظام الحوكمة». وفي هذا الإطار، رأى قاليباف أن «وضع حدّ للدعوة إلى العنف والإطاحة بنظام الحكم، يمثّل الشرط الضروري لتحقيق النتيجة، وإيجاد تغيير ملموس في نتيجة الاحتجاجات»، معتبراً أن «النظام السياسي للبلاد، ولكونه قائماً على إرادة الشعب، يشكّل أرضية حاسمة لأيّ إصلاح وتغيير لتوفير المصالح العامة، وطبعاً فإن جزءاً من هذا التغيير يتمثّل في إصلاح نظام الحوكمة في إطار النظام السياسي للجمهورية الإسلامية، الأمر الذي يجب أن يفضي إلى حوكمة جديدة». كذلك، تحدّث رضا أكرمي، وهو من رجال الدين الأصوليين، عن أهمية «إصلاح الهياكل من قِبَل النُّخبة والعقلاء والحريصين على الدولة»، الذين دعاهم إلى «أن يقولوا بداية أين تكْمن مشاكلنا على وجه التحديد، وبعد أن يدرسوا الموضوع، فَلْيعرضوه على الشعب، وليتمّ من خلال الاستفتاء إصلاح الدستور، مثلما أن الإمام (الخميني) سمح بعد عشرة أعوام بمراجعة القانون». وأعرب عن اعتقاده بـ«(أننا) يجب أن نمارس العمل الإصلاحي شيئاً فشيئاً، وأن ينفّذه الشعب والحكومة معاً، لا نستطيع القول إننا نفعل ما نريد، إن إصلاح الأمور يجب أن يتمّ حتماً وسيفضي إلى نتيجة، وهذا واجب، لا يمكن القيام بعمل ما من دونه».
هكذا، يبدو أن مبدأ الإصلاح بات متّفقاً عليه ومحلّ إجماع اليوم في إيران، لكن حدوده ونطاقاته تظلّ غير واضحة المعالم، أقلّه حالياً.