موسكو | واصل الجيش الروسي استهداف البنية التحتية الأوكرانية بالصواريخ والطائرات المسيّرة، في استراتيجية جديدة بدأها إثر استهداف جسر القرم قبل أسبوعَين. وطاولت الموجة الجديدة من القصف، العاصمة كييف ومدناً أخرى، وأدّت إلى انقطاع الكهرباء عن عدّة مناطق في البلاد، إضافة إلى المياه. ويأتي هذا التصعيد الروسي في ظلّ دخول عامل جديد على خطّ الصراع، يتمثّل في الطيران المسيّر الذي بدأ يُظهر نتائج طيّبة في الميدان لمصلحة موسكو، وفق ما أكده نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، دميتري ميدفيدف، قبل أيام، حيث قال إن بلاده ستبدأ إنتاج الطائرات المسيّرة على نطاق واسع بعد أن أثبتت كفاءتها في العمليات العسكرية. وبينما جدّد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، اتّهام إيران بتزويد روسيا بهذه الأسلحة، داعياً إلى معاقبتها، نفى الكرملين أن تكون لديه معلومات عمّا إذا كانت طائرات «كاميكازي» الإيرانية المسيّرة قد استُخدمت في هجمات واسعة النطاق ضدّ أوكرانيا، الأسبوع الجاري. وفي ردّ على تقارير عن استخدام القوات الروسية «درونز» إيرانية لضرب أهداف أوكرانية، أشار المتحدّث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إلى أنه «خلال عملياتنا في أوكرانيا نستخدم معدّات روسية تحمل أسماء روسية». على صعيد آخر، أكد بيسكوف أن المناطق الأوكرانية الأربع التي ضمّتها روسيا قبل أسابيع، تخضع بالكامل لحماية الترسانة النووية الروسية. وأضاف بيسكوف أن «هذه الأراضي أجزاء غير قابلة للانتزاع من روسيا الاتحادية، وتحظى بنفس القدر من التأمين شأنها شأن بقيّة الأراضي الروسية».ميدانيا، تُواصل القوات الروسية سعيها للسيطرة على مدينة باخموت الاستراتيجية في منطقة دونيتسك. وفي هذا الإطار، أكد سكرتير مجلس الأمن في جمهورية الشيشان، قائد قوات «أحمد» الخاصة، أبتي علاء الدينوف، أن قواته قريبة من السيطرة على المدينة، مشدداً على أن «المبادرة الآن لمصلحة القوات المسلّحة الروسية على طول خطّ التماس». ومع وصول دفعات من الجنود الملتحقين بالخدمة العسكرية ضمن التعبئة الجزئية إلى جبهات القتال، استعادت القوات الروسية المبادرة على الأرض، ونجحت في صدّ هجمات نظيرتها الأوكرانية على أكثر من جبهة في دونيتسك ولوغانسك. كذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن قواتها سيطرت على قرية في مقاطعة خاركيوف (شمال شرق)، في تطوّر هو الأول من نوعه منذ استعاد الأوكران السيطرة على معظم أراضي المقاطعة الشهر الماضي. أمّا على خطّ جبهة خيرسون، فيعمل الروس على وقف التقدّم الأوكراني المتواصل على هذه الجبهة.
أكد الكرملين أن المناطق الأوكرانية الأربع المنضمّة إلى روسيا وُضعت تحت المظلّة النووية


وتزامنت تلك التطوّرات مع وصول أولى دفعات القوات الروسية التي ستنتشر في بيلاروس. وأعلنت وزارة الدفاع البيلاروسية أن حوالي 170 دبابة و200 عربة قتالية مدرّعة و100 قذيفة هاون من عيار أكثر من 100 ملم، ستصل البلاد كجزء من مجموعة القوات البيلاروسية - الروسية المشتركة. وأوضح رئيس قسم التعاون العسكري الدولي، مساعد وزير الدفاع البيلاروسي فاليري ريفينكو، في تغريدة على «تويتر»، أن إجمالي عدد القوات التي ستصل إلى بيلاروس يبلغ حوالي 9000 فرد. وأشار ريفينكو إلى أن مينسك «تحتفظ بالحق في اتّخاذ تدابير وقائية للردع الاستراتيجي لمنع هجوم أو تحييد نزاع مسلّح». وقال: «ستدافع جمهورية بيلاروس عن مصالحها الوطنية باستخدام جميع الوسائل المتاحة، بما في ذلك من خلال استخدام القوة العسكرية». ولفت إلى أن نشر مجموعة إقليمية من القوات على أراضي بيلاروس، يأتي تنفيذاً لقرار الرئيسَين الروسي والبيلاروسي، «كردّ فعل على الوضع العسكري - السياسي الحالي، وكجزء من تدابير منع شنّ عدوان على دولة الاتحاد، وعلى أساس الفقرة 11 من العقيدة العسكرية».
وبحسب الخبراء الروس، فإن نشر القوات والمعدات الروسية في بيلاروس ليس هدفه شنّ هجوم على كييف كما حصل في بداية الحرب، بل إن حجم القوات ونوع الطائرات والمعدّات، ينبئان بأنه سيكون لها دور هام في مواجهة أيّ حادث غير متوقّع في أوكرانيا. ويقول الديبلوماسي الروسي السابق، سيرغي أوردزونيكيدزه، في هذا الإطار، إن «بيلاروس شريك استراتيجي لروسيا، وهي جزء من دولة الاتحاد، لذلك وأمام التهديدات المقبلة، ووجود حلف «الناتو» على الحدود الغربية حيث يُجري حالياً مناورات عسكرية، فإن على روسيا في مثل هذه اللحظة أن تقدّم لمينسك كلّ أنواع المساعدة - عسكرياً وسياسياً». وأضاف أنه «يجب أن يشعر أصدقاؤنا في بيلاروس بالحماية»، مشدداً على أن «تكوين مجموعة من القوات هو دليل على استعدادنا للدفاع عن الحدود الغربية لدولة الاتحاد، وإظهار قدراتنا على مواجهة أيّ معتدٍ».