أعلن تحالف الدول المنتجة للنفط «أوبك+» بقيادة السعودية، اليوم، أنه سيُخفض إنتاج النفط بمقدار 2 مليون برميل يومياً، القرار الذي يُمكن أن يرفع أسعار الطاقة في جميع أنحاء العالم.
وقال تحالف «أوبك+» إنّ خفض الإنتاج سيدخل حيز التنفيذ في تشرين الثاني. وستكون هذه المرة الأولى التي تخفض فيها المجموعة إنتاج النفط، منذ بداية وباء كوفيد-19.

وأوضح التحالف أنه يتخذ هذه الخطوة «في ضوء عدم اليقين الذي يحيط بتوقعات الاقتصاد العالمي وسوق النفط، والحاجة إلى تعزيز التوجيه طويل الأجل لسوق النفط، وتماشياً مع النهج الناجح المتمثل في أن تكون استباقية، والتي جرى تبنيها باستمرار».

وعلّقت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية على القرار قائلة إنه «أكثر عدوانية ممّا توقّعه معظم المحلّلين حتى قبل أيام قليلة، وتعكس رغبة الدول المنتجة للنفط في الرد على الانخفاض الأخير في الأسعار العالمية».

وأضافت الصحيفة إنّ قرار «أوبك+» وارتفاع أسعار الطاقة «يساعد روسيا في تمويل حربها على أوكرانيا، وهي خطوة سعت الولايات المتحدة إلى تجنبها. كما يمكن أن يُضعف ارتفاع أسعار الطاقة عزم الدول الأخرى التي دعمت أوكرانيا، في محاولة صدّ روسيا بعد عمليتها العسكرية».

ويأتي الخفض على الرغم من الضغط القوي من قبل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من أجل مواصلة الإنتاج عند المستويات الحالية أو أعلى، تخلّلتها زيارة بايدن للمملكة العربية السعودية في تمّوز الفائت.

وقد يكون لهذا الخفض الكبير تداعيات سياسية كبيرة في الولايات المتحدة، حيث ستجرى انتخابات التجديد النصفي في غضون ما يزيد قليلاً عن شهر.

وقد أدّى انخفاض أسعار الغاز هذا الصيف دوراً كبيراً في رفع الثروات السياسية للديموقراطيين، الذين يواجهون موسماً انتخابياً صعباً. كما ساعد في رفع نسبة تأييد بايدن، وأعطى الحزب بصيصاً من الأمل في كبح موجة الجمهوريين متوقّعة على نطاق واسع.

وقفزت أسعار النفط هذا الأسبوع ربطاً بإعلان اليوم، إذ ارتفعت العقود الآجلة للنفط وخام برنت، دولارين لتصل إلى 93.88 دولاراً للبرميل، ومن المتوقع أن تزيد على الأرجح إلى أكثر من 100 دولار للبرميل.

وعقب القرار، أعلنت وزارة الطاقة الأميركية أنها ستُسلّم 10 ملايين برميل إضافية من احتياطي النفط الاستراتيجي لديها، بداية من الشهر المقبل.

كما أفاد بيان صادر عن البيت الأبيض، اليوم، بأنّ بايدن «يشعر بخيبة أمل من قرار «أوبك+» القصير النظر» والقاضي بخفض إنتاجه النفطي بشكل كبير. وأضافت الرئاسة الأميركية «في ضوء قرار اليوم، ستتشاور إدارة بايدن مع الكونغرس حول أدوات وآليات إضافية لتقليص تحكم (تحالف الدول المنتجة للخام) في أسعار الطاقة».

فيما قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ومدير المجلس الاقتصادي الوطني برايان ديس، في بيان إنّ بايدن سيواصل أيضاً إصدار توجيهات للإفراج عن كميات من الاحتياطي الاستراتيجي للبلاد من النفط كلما اقتضت الضرورة.

وأتى قرار «أوبك+» بالتزامن مع تقدم الاتحاد الأوروبي بإجراء تدعمه الولايات المتحدة لفرض سقف لأسعار النفط الروسي، وهي خطوة تهدف إلى إجبار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على قبول انخفاض عائدات الطاقة دون سحب الإمدادات من الأسواق العالمية.

وقال ماكنالي قبل الإعلان عن الخفض: «إنّ خفضاً كبيراً في الإمدادات سيسعد موسكو، التي ستستفيد من استقرار أسعار النفط الخام إن لم يكن ارتفاعها، وعلامة ضمنية على التضامن من زملائها في «أوبك بلس» في الوقت الذي تستعد فيه لفرض عقوبات نفطية من الاتحاد الأوروبي».

وعلى الجانب الروسي، صرح ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي، اليوم، عقب إعلان «أوبك+» بأنّ روسيا ربما تخفض إنتاج النفط لتعويض التأثيرات السلبية في حالة فرض الغرب سقفاً لسعر الخام.

وندّد بوضع أيّ سقف لأسعار النفط الروسي، معتبراً أنّ هذا الأمر «ينتهك آليات السوق» وقد يكون له «تأثير ضارّ جداً» على الصناعة العالمية.

وأشار الى أنّ توجه الاتحاد الأوروبي لاتخاذ هذا الإجراء قد يؤدي إلى «نقص في النفط»، وحذّر المسؤول الروسي مجدداً من أنّ الشركات الروسية «لن تزوّد الدول التي تستخدم هذه الأداة بالنفط».

وبحسب ما نقلته وكالة «تاس» الروسية عن نوفاك، فإن بلاده «ستنتج 530 مليون طن من النفط (10.6 ملايين برميل يومياً) في 2022 و490 مليون طن في 2023». وأضاف إنّ روسيا مستعدة لإمداد أوروبا بالغاز عبر خط واحد من خط أنابيب «نورد ستريم 2» إذا اقتضت الضرورة.