تُشارف الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية على الانتهاء من مناورات عسكرية بدأتاها في الـ 22 من الشهر الجاري، وتُعدّ الأكبر بينهما منذ عام 2018. المناورات التي تحمل اسم «درع الحرية - أولتشي» تُعدّ بمثابة استئناف للتدريبات العسكرية المعلّقة بين البلدَين منذ تفشّي وباء «كورونا»، وفشل جولات التفاوض بين سيول وبيونغ يانغ، وبين هذه الأخيرة وواشنطن. لكن تدريبات من هذا النوع تَعدّها كوريا الشمالية بمنزلة محاكاة لغزوها، وهي يمكن، وفقاً لبعض التحليلات، أن تأتي بنتائج عكسيّة للهدف منها والمتمثّل في تحقيق الردع، وخصوصاً مع تكثيف بيونغ يانغ اختباراتها النووية وتَبدّل خطابها إزاء جارتها الجنوبية، منذ تسلّم المحافظين السلطة في الأخيرة. لكن نائب وزير الدفاع الكوري الجنوبي، شين بيومشول، دافع بأن «اتهام سيول باستِعداء بيونغ يانغ ليس منصفاً... هم يعرفون أن هذه التدريبات دفاعية، لكنهم يستخدمونها كذريعة. وسيقومون باستفزازات تخدم أهدافهم العسكرية والسياسية، لذلك لا يمكننا الاستماع إلى انتقاداتهم».وجاءت المناورات التي تُختتم اليوم، وشاركت فيها طائرات وسفن حربية ودبابات، وتخلّلها تدريب على كيفيّة «الردّ على أيّ عدوان»، بعد أسبوع من إعلان «البنتاغون» أن الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان «أكملت مناورات بحرية مشتركة بالقرب من هاواي، للردّ على التحدّيات الآتية من كوريا الشمالية»، وُصفت بأنّها «تدريب على التحذير من الصواريخ، والبحث عن الصواريخ الباليستية وتتبّعها». وعلى رغم أن واشنطن وسيول تُجريان مناورات عسكرية مشتركة منذ فترة طويلة، إلّا أنها علّقت اعتباراً منذ عام 2018، مع بدء إدارة دونالد ترامب عملية تفاوض مع بيونغ يانغ، سرعان ما تعثّرت على خلفية رفض الولايات المتحدة مطالب الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، والمتمثّلة في رفع العقوبات عن بلاده، في مقابل التخلّي عن السلاح النووي. وتُرجع واشنطن وسيول استئناف المناورات إلى معلوماتٍ استخبارية حصلتا عليها، وتفيد بأن بيونغ يانع تعتزم إجراء تجربتها النووية السابعة.
تشير الأنباء إلى إمكانية نشر واشنطن «أصولاً استراتيجية نووية» في سيول


وفي ظلّ هذا «المناخ الأمني المتقلّب بشكل متزايد في منطقة شرق آسيا»، لا تبدو الصين بعيدة عن التطوّرات في شبه الجزيرة الكورية، وخصوصاً بعد ورود أنباء تشير إلى إمكانية نَشْر الولايات المتحدة «أصولاً استراتيجية نووية» في كوريا الجنوبية (أزالت واشنطن، منذ عام 1991، الأسلحة النووية من سيول، لكن إدارة الرئيس الكوري الجنوبي المحافظ، يون سوك يول، دعت، منذ تولّيها السلطة، إلى استعادة هذه الأسلحة)، في حال قيام الجارة الشمالية بتجربة نووية جديدة. وأشار بيانٌ مشترك لوزارتَي الدفاع الأميركية والكورية الجنوبية، صدر في أعقاب الاجتماعات التي عُقدت، أخيراً، بين مسؤولي الدفاع في البلدَين، إلى «التحالف الوثيق بشكل متزايد» بينهما، فيما تتجه العلاقات الأميركية - الصينية نحو مزيد من التأزّم، على خلفية مسألة تايوان. وبحسب البيان، أعاد المسؤولون الأميركيون التأكيد على «التزام بلادهم الصارم بالدفاع عن كوريا الجنوبية، والاستفادة من النطاق الكامل للقدرات العسكرية الأميركية، لتشمل القدرات النووية والتقليدية والدفاع الصاروخي والقدرات غير النووية المتقدّمة الأخرى». وهدّدوا بأنه «في حال إجراء كوريا الديموقراطية تجربةً نووية، فإن الجانبين سيتدخّلان في ردّ ثنائي قويّ وحازم». وفي البيان نفسه، أشاد الحليفان بالتحسينات التي أُدخلت على نظام الدفاع الصاروخي الأميركي، «ثاد»، الموجود في كوريا الجنوبية منذ عام 2017، لحمايتها من صواريخ كوريا الشمالية، فيما تعارض الصين، من جهتها، وجود تلك المنظومة. ومردّ معارضتها، وفق خبراء تحدّثوا إلى صحيفة «ساوث تشاينا مورننغ بوست»، أن الصواريخ المُشار إليها «تشكّل تهديداً لبقاء الردع النووي الصيني»، وهي قضيّة تدفع بكين إلى مواصلة الضغط على سيول، على خلفيتها. ونقلت الصحيفة عن المحلّل السياسي في مؤسسة «راند» في واشنطن، سو كيم، قوله، إن البيان المشترك أظهر أن «التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية يتطوّر ويتوسّع في مواجهة التهديدات»، مستدركاً بالقول: «سيول قد لا تكون على استعداد للذهاب (إلى المواجهة) بقدْر ما تريد الولايات المتحدة تحدّي الحكومة الصينية»، على اعتبار أن الأخيرة تُعدّ أكبر شريك تجاري لكوريا الجنوبية. ولفت إلى أن تَردُّد الرئيس الكوري الجنوبي في مقابلة رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، شخصياً في زيارتها الأخيرة لبلاده، «كشف عن حساسيات سيول المستمّرة إزاء ردّ فعل بكين».