دخلت مباحثات فيينا الهادفة إلى إحياء الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، في فترة توقّف نتيجة "عوامل خارجية"، وذلك بعد أيام من طلب موسكو ضمانات من واشنطن، على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. وكانت المفاوضات قد بلغت مرحلة اعتبرها المعنيّون نهائية، مُعلنين تحقيق تقدّم كبير، تبْقى بعده نقاط تبايُن محدودة فقط. إلّا أن التفاوض واجه صعوبات إضافية هذا الأسبوع، في ظلّ تحدّث مسؤولين إيرانيين عن تقدّم واشنطن بـ"طلبات جديدة"، وتسبّبها بـ"تعقيد" التفاوُض، وعدم اتّخاذها "قرارات سياسية" مطلوبة. وجاء ذلك فيما أبدى الأطراف الغربيون قلقهم من تأخّر إنجاز التفاهم، نتيجة طلب روسيا ضمانات أميركية مكتوبة مرتبطة بالعقوبات المفروضة عليها بسبب دخولها أوكرانيا.إعلان التوقّف هذا، جاء عبر الاتحاد الأوروبي الذي ينسّق مباحثات الاتفاق، إذ كتب وزير خارجيّته، جوزيب بوريل، عبر موقع "تويتر"، أن "ثمّة حاجة إلى وقفة في مباحثات فيينا، نظراً إلى عوامل خارجية". وأعلن أن "نصّاً نهائياً بات جاهزاً تقريباً ومطروحاً على الطاولة"، مضيفاً: "سأقوم وفريقي بمواصلة التواصُل مع كلّ أطراف خطّة العمل الشاملة المشتركة والولايات المتحدة، لتجاوُز الوضع الراهن وإنجاز الاتفاق". وأتى الإعلان الأوروبي بعدما دخل على خطّ التفاوُض، السبت الماضي، إعلانُ روسيا طلبها ضمانات خطّية من واشنطن بأن العقوبات الغربية الأخيرة عليها، لن تؤثّر على تعاونها مع طهران في مجالات اقتصادية وعسكرية. واعتبرت واشنطن الطلب "خارج سياق" القضية، لعدم وجود رابط بين العقوبات والتعاون في إطار الاتفاق النووي، بينما أبدت باريس "قلقها" من أن تتسبّب المطالب الروسية الجديدة بتأخيرٍ إضافي في إنجاز المفاوضات.
قد تسهم عودة مستويات النفط الإيراني في الأسواق العالمية في خفض الأسعار


في هذه الأثناء، سعى المعنيّون بالملفّ إلى إشاعة أجواء إيجابية، والتأكيد أن التواصل سيستمر، وذلك على رغم توقّف المباحثات، إذ أبدى منسّق المباحثات من قِبَل الاتحاد الأوروبي، أنريكي مورا، أمله في استئنافها "قريباً جداً". ولدى خروجه من فندق "باليه كوبورغ"، اعتبر أن الولايات المتحدة وإيران "دائماً ما اعتمدتا مقاربة بنّاءة جدّاً، إيجابية جدّاً"، لافتاً إلى أن المفاوضات بلغت مرحلة كتابة "الهوامش"، أي أن النص الأساسي أُنجز بشكل شبه كامل. من جهته، رفض المندوب الروسي، ميخائيل أوليانوف، تحميل موسكو "كامل المسؤولية"، لافتاً إلى أن "إنجاز الاتفاق لا يرتبط حصراً بروسيا"، الراغبة في أن يتحقّق التفاهُم "سريعاً". كذلك، أكدت إيران أن توقّف المباحثات لن يغيّر رغبتها في الاتفاق، وأن هذه الرغبة لن تتأثّر بأيّ "عامل خارجي". وكتب المتحدث باسم وزارة خارجيّتها، سعيد خطيب زاده، عبر موقع "تويتر": "لن يؤثر أيّ عامل خارجي على رغبتنا المشتركة في المضيّ قدماً من أجل اتفاق جماعي". وأمِل في أن يكون التوقّف "دافعاً لحلّ أيّ مسألة متبقّية و(تحقيق) العودة النهائية"، مؤكّداً أن "الإنجاز الناجح للمباحثات سيبقى محور التركيز الأساسي للجميع".
وربطاً بالموقف الروسي الأخير، رأى محلّلون أن موسكو قد تسعى، في الظروف الراهنة، لاستخدام ورقة الاتفاق في التجاذب بينها وبين الغرب. وقال الأستاذ في جامعة "بول فاليري" في مدينة مونبلييه الفرنسية، كليمان تيرم، إنّ "موسكو قد تستخدم المسألة الإيرانية للدفاع عن المصالح الوطنية الروسية، في مواجهة نظام العقوبات الذي فرضته واشنطن". وأضاف الأكاديمي المتخصّص بالشأن الإيراني أن هدف روسيا قد يكون السعي "للحصول على مهلة لإعادة تفعيل الاتفاق النووي لتأخير ضخّ النفط الإيراني في الأسواق"، لأنه "من خلال الإبقاء على سعر البرميل مرتفعاً، يمكن للكرملين استخدام سلاح الطاقة ضدّ الغرب". وشهدت أسعار النفط والغاز ارتفاعات حادّة، في الأيام الماضية، على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، وبلغت مستويات لم تعرفها منذ أعوام عدّة. وفي السياق، أشار العديد من المحلّلين، في الآونة الأخيرة، إلى أن عودة مستويات النفط الإيراني في الأسواق العالمية، قد تساهم في خفض الأسعار.