موسكو | تباطأت وتيرة التقدُّم الروسي على محاور المدن الأوكرانية في الشمال والوسط والجنوب، مع إحكام الطوق حول المدن الكبرى، مثل خاركيف في الشمال الشرقي، ومواصلة تشتيت القوات الأوكرانية المتمركزة في الدونباس إلى مربعات منفصلة بعضها عن بعض، تمهيداً لتحييدها التامّ عن مسار المعركة. أما في مدينة ماريوبول البحرية في الجنوب الشرقي، فجزم ناطق باسم القوات الشعبية لجمهورية دونيتسك أنه لم يتبقّ أمام عناصر قوات "آزوف" (النازيون الجُدد) سوى خيارَين: "إمّا الاستسلام أو الموت". وجاء ذلك في ظلّ مواصلة موسكو بذلَ مزيد من الجهود لتفعيل الممرّات الإنسانية، على رغم عرقلة سلطات كييف. وأفاد الخبير العسكري، نائب رئيس الأكاديمية الروسية للعلوم المدفعية والصاروخية، كنسطنتين سيفكروف، بأن "القوات الأوكرانية فقدت أكثر من نصف طائراتها المقاتِلة، وكل طائراتها الصالحة للقتال، تقريباً، أُخرجت من الخدمة أو تم تدميرها، أما بعض التشكيلات التي يتمّ رصدها من طائرتَين أو ثلاثة، فهي من الطائرات الخارجة من الخدمة أو المعطَّلة التي يجري إصلاح بعضها لتظهر في الأجواء. كما تمّ تعطيل المدارج العسكرية بشكل كامل"، لافتاً إلى أن القوات الروسية "تتجنّب استهداف مدارج المطارات المدنية، إلّا في حال رصْد حركة طيران قتالية من هذه المطارات". وقال سيفكروف إنه "تمّ تدمير ما يقارب نصف القوّة المدرعة للقوات المسلّحة الأوكرانية من دبابات وحاملات جند وآليات مدرعة"، مستبعداً، في الوقت ذاته، احتمال تزويد أوكرانيا بطائرات من بولندا أو من دول حلف "الناتو" أو استخدام الطائرات المقاتِلة الأوكرانية مطارات في بولندا، كون هذه المسألة ستعتبر دخول "الأطلسي" في مواجهة مباشرة مع روسيا. وأشار الخبير العسكري إلى أن القوات الروسية دَمَّرت معظم مخازن صواريخ "جافلين" و"ستينغر" الموجودة في حوزة القوات الأوكرانية. ووفق سيكوف: "استراتيجيتنا الأساسية شبيهة باستراتيجيتنا في مسرح العمليات السورية. الضربات الأساسية يقوم بها سلاح الجوّ الروسي، قواتنا تستهدف البنى التحتية والمعدات العسكرية التقنية والأهداف الاستراتيجية للقوات الأوكرانية وللقطاع اليميني المتطرّف من العنصريين الأوكرانيين. ولا نسعى، في الوقت الراهن، للدخول إلى المدن، ما عدا تلك التي تحتلّ أهمية استراتيجية مثل ماريوبول، إنّما نقوم بعملية إحكام الطوق حول المدن الكبرى والتجمّعات، ونستمرّ في التقدُّم للسيطرة على الأرض. حتّى اليوم الحالي، تشغل قواتنا ما يزيد على 30% من المساحة الجغرافية الأوكرانية. وفي الوقت الراهن، نشهد تباطؤاً في التقدُّم بسبب سعي قواتنا إلى فتح الممرات الإنسانية، وهذه الممرات تعيق تَقدُّم قواتنا في اتجاه الأهداف المحدَّدة المقبلة".
العمليات العسكرية مستمرّة في خاركيف لتحريرها، كون محيط المدينة يحتوي على مفاعل نووي بحثي


ووفقاً لإحاطة الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، قامت القوات الروسية منذ بدء العملية العسكرية في أوكرانيا بتدمير 2998 هدفاً من أهداف البنية التحتية العسكرية، بينها 97 طائرة، و107 مسيّرات، و141 منظومة دفاع جوي مختلفة، و86 محطّة رادارية، و986 دبابة وآلية مدرعة، و107 راجمات صاروخية، و368 من مدافع الميدان والهاون، و749 مركبة عسكرية خاصّة. وأعلن كوناشينكوف أن القوات الروسية تقدَّمت بمسافة 10 كيلومترات إضافية، وتمكّنت من السيطرة على مناطق ستيبنو، كرابيفيتسكو، مالي كريمتشيك، نوفوبيتريكوفا ويالينسكو. ونفى ناطق "الدفاع" توجيه ضربات جوية لمستشفى رقم 3 في مدينة ماريوبول، معتبراً التصريحات الأوكرانية في هذا الصدد عملاً استفزازياً إعلامياً. كما أشار إلى ازدياد وتيرة هجمات العنصريين الأوكرانيين والمرتزقة الذين وصلوا من الولايات المتحدة وأوروبا، على الأطباء الروس وسيارات الإسعاف، إذ يقوم هؤلاء بشكل متعمَّد بنصب كمائن لمهاجمة وسائل النقل الطبي التي تحمل شعار الصليب الأحمر.
من جهتهم، لاحظ بعض السكان في مدينة أوديسا غياب السفن والقطع الحربية الروسية من مجال الرؤيا المجرّدة. ويعيد الخبراء هذا الأمر، بعدما كان ممكناً رؤيتها من شواطئ المدينة، إلى عملية مناورة تجريها القوات البحرية الروسية، واتخاذ مواقع مراقبة عن بعد لإحكام إغلاق المنافذ البحرية، وعدم إرهاق طواقم البحرية ريثما تتقدَّم القوات البرية من الشرق والجنوب الشرقي في اتجاه الغرب لإحكام السيطرة على المدينة في مرحلة لاحقة. وبخصوص كييف وخاركيف، قال سيفكروف: "كييف محاصَرة، ونبقي على ثغرة للسماح لمَن يرغب بالمغادرة. أمّا خاركيف، فالعمليات العسكرية مستمرّة لتحريرها، كون محيط المدينة يحتوي على مفاعل نووي بحثي، وتقوم بتنفيذ العملية على الأرض قوات دونيتسك ولوغانسك الشعبيتَين. والقوات الروسية ليست على تماس مباشر مع القوات الأوكرانية في هذا المحور، بل تحكم الحصار وتستخدم سلاح الجوّ لدعم القوات البرية الشعبية".