منذ صعود بوتين إلى سدّة الرئاسة، بدأت تُظهر السياسة الخارجية الروسية اهتماماً متزايداً بمنطقة أميركا اللاتينية
مع ذلك، يكفي روسيا الدعم التي قدّمته لها «ترويكا الشرّ»، كما وصفها جون بولتون سابقاً، للتأسيس عليه في تعزيز حضورها في أميركا اللاتينية، وصولاً ربّما إلى محاولة تحقيق ردع عسكري متبادل مع واشنطن هناك. وفي هذا المجال، يعتقد الخبراء أن الحرب الاقتصادية الغربية المتصاعدة ضدّ موسكو، ستكون دافعاً للأخيرة للمضيّ قُدُماً في نشر معدات عسكرية في أميركا الجنوبية، مُعيدين إلى الذاكرة إرسال روسيا قاذفات قنابل ذات قدرة نووية من طراز «Tu-160»، وسفناً حربية من طراز «بطرس الأكبر» إلى منطقة الكاريبي خلال الحرب الجورجية عام 2008، وتكرار إرسالها إياها خلال الأزمة الفنزويلية عامَي 2018 و2019، إضافة إلى إعلانها اعتزامها إقامة قاعدة جوية في جزيرة لا أوركيلا الفنزويلية.
وعن النتائج المحتملة لخطوات كهذه، نشر معهد «ELCANO ROYAL» الإسباني، في وقت سابق من الشهر الجاري، مقالاً تحليلياً للباحثين كارلوس مالامود وميرا ميلوسيفيتش-جواريستي وروجيليو نونيز كاستيلانو، رأوا فيه أن الدور الذي قد تلعبه بعض دول أميركا اللاتينية في خلال أزمة أوكرانيا وبعدها «ليس ثانوياً، وهو ما كانت قد لعبته كوبا في أزمة الصواريخ عام 1962، ونيكاراغوا في الثمانينيات، ويتكرّر بشكل دوري». وأضافوا أن «هذه الخطوات ستفتح الباب أمام روسيا لتعميق علاقاتها التجارية» مع الدول اللاتينية، خصوصاً بعد العقوبات القاسية التي فُرضت عليها. والجدير ذكره، هنا، أنه على الرغم من أن العلاقة التجارية قد نمت بين روسيا وأميركا الجنوبية خلال فترة حكم بوتين، إلا أنها لا تزال تعدّ منخفضة، حيث لا تتجاوز واردات موسكو من العواصم اللاتينية 5% من إجماليّ التجارة الروسية، أمّا الصادرات فتشكل 2% فقط. ومن هنا، يعتقد كُتّاب المقال أن تعزيز روسيا موقعها عسكرياً في أميركا الجنوبية، سيسمح لها بـ«تقديم نفسها كجهة فاعلة لها مصالح وحضور عالمي، مع مشروع لنظام دولي جديد مدعوم من قِبل الحلفاء من الشرق إلى أميركا الجنوبية". والظاهر أن فنزويلا، خصوصاً، ستكون ساحة متقدّمة في خضمّ ذلك النزاع، بدليل التركيز العسكري الإيراني والروسي عليها. وفي هذا المجال، بدا لافتاً ما أعلنه وزير الحرب الإسرائيلي، بيني غانتس، الأسبوع الماضي، من أن إيران تُخطّط لإرسال طائرات من دون طيار، مسلّحة بذخائر موجهة إلى فنزويلا.