أنهى الرئيس الإيراني حسن روحاني جولته الأوروبية، أمس، بتوقيع عقود ومؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند. وأعرب عن الأمل في بدء "علاقة جديدة" بين فرنسا وإيران، وذلك خلال زيارته باريس التي شهدت إعلاناً عن عودة رسمية لشركتي "بي اس آ بيجو ــ ستروين" و"توتال" الفرنسيتين إلى الجمهورية الإسلامية، وأيضاً اتفاقات بحوالى 15 مليار يورو.
والتقى روحاني كلاً من الرئيس فرانسوا هولاند ورئيس الحكومة مانويل فالس، كما التقى قادة الأعمال خلال منتدى فرنسي ــ إيراني. ولمناسبة الزيارة التي تعدّ الأولى لرئيس إيراني منذ عام 1999، والتي شملت بلدين أوروبيين هما إيطاليا وفرنسا، حظي روحاني بتشريفات إضافية، بينها مراسم عسكرية مع النشيد الوطني في ساحة "ليزانفليد"، بحضور وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس.
وقّعت إيران اتفاقاً للحصول على 118 طائرة "إيرباص" للرحلات المتوسطة والبعيدة

وفيما شغل الملف السوري حيّزاً مهما من النقاشات بين روحاني وهولاند، أفاد مصدر دبلوماسي بأن "هذه الزيارة تفتتح مرحلة للمباحثات لمواكبة إيران في عودتها على الساحة الدولية، بحيث تؤدي دوراً إيجابياً، خصوصاً في ما يتعلق بالملف السوري". وفي مؤتمر صحافي مشترك مع هولاند، شدد روحاني على "ضرورة أن يتصدى البلدان للتعصب والإرهاب والتطرف، خصوصاً عبر تبادل المعلومات الاستخبارية". وتحدث عن "المشاكل الأمنية في منطقة الشرق الأوسط"، وقال "علينا تكثيف الجهود في هذه المجالات، عبر تبادل معلوماتنا على مستوى الاستخبارات".
وعن الأزمة في سوريا، لفت روحاني إلى أن "قسماً كبيراً من الشعب السوري هُجّر، وعلينا أن نساعده"، معتبراً أن "مستقبل سوريا يقرّره الشعب السوري"، ومضيفاً أن "المشكلة الرئيسية في سوريا ليست مشكلة شخص، بل هي مشكلة الإرهاب المتمثلة في تنظيم داعش، وكل التنظيمات الإرهابية". وقال "علينا أن ندعم الشعبين العراقي والسوري في مواجهة الإرهاب، ليتمكنا من طرد التنظيمات الإرهابية من بلديهما".
وأضاف روحاني "نتطلع إلى أن نكون مع فرنسا لنستأنف العمل معها"، مضيفاً أن "الوثائق التي وقّعناها، صباح اليوم (أمس)، كلها تظهر تلك الإرادة للتعاون المشترك الذي يعود لمصلحة البلدين. وبالتأكيد فإن تعاوننا لا يقتصر على الجانب الاقتصادي، لدينا تعاون في المجالات العلمية والتقنية والثقافية".
بدوره، دعا هولاند إلى البدء سريعاً بالمفاوضات من أجل انتقال سياسي في سوريا. وقال إن "من الملح اتخاذ إجراءات إنسانية والتفاوض على انتقال سياسي. إنه أمر ممكن". كذلك أشار إلى أن هذا الانتقال مرتبط "بمفاوضات سياسية تأخرت"، في إشارة إلى إرجاء بدء هذه المفاوضات حتى الجمعة، بعدما كانت مقررة في 25 كانون الثاني.
وتابع الرئيس الفرنسي "علينا أن نسهّل هذه المباحثات والسعي بكل السبل إلى أن تشمل كل الدول التي يمكن أن تكون مفيدة، وكل المجموعات ما إن تعلن رفضها الإرهاب". ودعا أيضاً إيران إلى أداء دورها كاملاً للمساعدة في "المصالحة الوطنية" في العراق، وتفادي أي انفجار للوضع في لبنان المهدّد مباشرة بتداعيات الأزمة السورية.
وفي لقاء سابق بين روحاني وفالس، حضره أرباب مؤسسات إيرانيون وفرنسيون، قال روحاني "نحن مستعدون لطيّ الصفحة من أجل بدء علاقة جديدة بين بلدينا"، فيما أكد فالس أنه "يمكن لإيران أن تعتمد على فرنسا"، مضيفاً أن "فرنسا مستعدة لتعبئة شركاتها ومهندسيها وفنييها ومواردها العديدة، للمساهمة في تطوير بلدكم"، داعياً إلى "شراكات طموحة" و"اتفاقيات تعاون طويلة الأمد".
وقد أفاد مصدر دبلوماسي فرنسي بأن البلدين وقّعا اتفاقات قيمتها الإجمالية حوالى 15 مليار يورو. كذلك وقّعت إيران اتفاقاً للحصول على 118 طائرة "إيرباص" للرحلات المتوسطة والبعيدة، بقيمة تناهز 25 مليار دولار. وأوضحت مجموعة "إيرباص"، في بيان، أن "مجموع هذه الطائرات مقسم إلى 73 طائرة ذات حجم كبير، و45 ذات ممر واحد، 21 طائرة من طراز اي 320 سي إي أو، 24 من طراز اي 320 أن اي أو، 27 من طراز اي 330 سي إي أو، 18 طائرة اي 330 أن إي أو (-900)، إضافة إلى 16 طائرة اي 350-1000، و12 اي 380". وسيوزع المبلغ الضخم لهذه الصفقة بين المساهمين في المجموعة، ومن ضمنهم فرنسا وألمانيا وإسبانيا.
وفي السياق ذاته، أعلنت شركة "توتال" النفطية العملاقة توقيع عقد لشراء "ما بين 150 و200 ألف برميل يومياً" من النفط الخام من طهران. كذلك وقّعت المجموعة الفرنسية لتصنيع السيارات "بي اس آ بيجو ــ ستروين" عقداً بقيمة 400 مليون يورو، على مدى خمس سنوات، مع طهران، في ما يشكل عودة رسمية لهذه المجموعة إلى إيران. وينص العقد، بحسب ما أعلنت المجموعة، على تأسيس شركة مشتركة بين "بيجو" و"خودرو" الإيرانية ستقوم بتصنيع سيارات من طراز "بيجو 208 و2008 و301"، اعتباراً من الفصل الثاني من عام 2017. وتأمل المجموعة الفرنسية تصنيع 200 ألف سيارة سنوياً. وفي هذا السياق، ستقوم هذه الشركة، اعتباراً من العام الحالي، بالإشراف على الإنتاج الحالي في مصنع "خودرو" في غربي طهران، أي سيارات من الجيل القديم من طراز "بيجو 405 و206".
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)