طهران | عشية استئناف محادثات إحياء الاتفاق النووي، والتي كانت قد توقّفت بضعة أيام لإجراء مشاورات في العواصم المعنيّة، تسارعت التطوّرات المتّصلة بهذا الملفّ، مع إعلان الولايات المتحدة إعادة إعفاء إيران من عقوبات نووية. وبحسب وسائل إعلام أميركية، فقد أطلعت إدارة الرئيس جو بايدن، الكونغرس، على نيّتها إنفاذ ذلك الإعفاء «تمهيداً للعودة المتبادلة إلى الاتفاق النووي». وبموجب القرار الجديد، سيُتاح للشركات الروسية والصينية والأوروبية التعاوُن مع إيران في مشاريعها المدنية في محطّة بوشهر الذرية، ومفاعل آراك للماء الثقيلة، ومفاعل طهران النووي للأبحاث، وهو ما كان قد حُظر في عامَي 2019 و2020، من قِبَل إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، كجزءٍ من سياسة «الضغوط القصوى» على إيران. إلّا أن الخطوة الأميركية الأخيرة، لم تلقَ ترحيباً من قِبَل المسؤولين الإيرانيين، إذ اعتبرها وزير الخارجية، حسين أمير عبد اللهيان، «إيجابية»، إلّا أنه عدّها «غير كافية». وقال إنه «يجب على واشنطن أن تُبرهن حسن نيّتها على أرض الواقع». ثمّ أضاف، في تصریح آخر: «لم نرَ أيّ مبادرة جادّة ومهمّة من الولايات المتحدة لإحياء الاتفاق النووي». وتابع: «نحن نسعى للتوصّل إلى اتفاق جيّد، ولا نبحث عن اتفاق محدود أو مؤقّت». بدوره، شدّد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، علي شمخاني، على أن «الانتفاع الاقتصادي الحقيقي والمؤثّر لإيران يمثّل الشرط اللازم لبلورة الاتفاق»، متابعاً أن «استعراض رفع العقوبات، لا يُعدّ إجراءً بنّاءً». وأكّد شمخاني أنه «على رغم التقدّم المحدود في مفاوضات فيينا، ما زلنا بعيدين عن تحقیق التوازُن الضروري في التزامات الأطراف المعنيّة». من جهته، رحّب المندوب الروسي في اللجنة المشتركة لـ»خطّة العمل المشترك الشاملة»، ميخائيل أوليانوف، بالقرار الأميركي، ورأى أنه يمكن اعتباره مؤشّراً إلى دخول المحادثات «المرحلة النهائية».
شمخاني: ما زلنا بعيدين عن تحقیق التوازُن الضروري في التزامات الأطراف المعنية


ويبدو أن الإجراء الأميركي يهدف، قبل كلّ شيء، إلى تسهيل عملية تقييد البرنامج النووي الإيراني من جديد، بحيث تتمّ في ضوء رفع قيود التعاون النووي مع طهران، إزالة العقبات التي تعترض نقل فائض اليورانيوم المخصّب إلى البلدان الأخرى، بما فيها روسيا. وفي هذا الإطار، أبلغ مصدر دبلوماسي إيراني مطّلع، «الأخبار»، بأن «إجراءات إيران وأميركا لبناء الثقة، والرامية إلى تسهيل عملية الوصول إلى الاتفاق، ستكتمل خلال الأسابيع المقبلة». وقال: «سنشهد، على الأرجح قريباً، تحرير جزء من الأرصدة الإيرانية المجمّدة خارج البلاد، وكذلك الإفراج عن السجناء الأميركيين في إيران». وأضاف المصدر أنه «إن تمّ اعتماد إجراءات بناء الثقة، فإن الفرصة ستتهيّأ لإجراء حوار مباشر بين طهران وواشنطن، في المستقبل المنظور، لبلوغ الاتفاق النهائي»، متابعاً أن «هذا الاتفاق يمكن أن يتمّ في أواخر شباط، أو أواخر آذار على أبعد تقدير».
وعن القضايا الخلافية المتبقّية، أوضح المصدر أن «ثمّة خلافات، في الوقت الحاضر، تدور حول ثلاثة مواضيع هي ضمانات بعدم انسحاب أميركا من الاتفاق، وفترة التحقّق من الإجراءات الأميركية بعد رفع العقوبات، والترتيب التنفيذي للخطوات الإيرانية للعودة إلى الالتزامات». وإذ أكّد أن «المحادثات وصلت إلى مرحلتها النهائية»، فقد بيّن أنه «من المرجّح أن تبدأ آخر جولة بعد عودة الوفود إلى فيينا، لأن الطرفَين ينويان التوصّل إلى صيغة نهائية في نهاية الشهر المقبل كحدّ أقصى». وفيما لم يتمّ الإعلان رسمياً، حتّى الآن، عن موعد استئناف المحادثات، إلّا أن التقارير غير الرسمية تفيد بأنّها قد تُستأنف هذا الأسبوع.