طهران | بعد توقّف دام ثلاثة أيام لمناسبة عطلة رأس السنة الميلادية، استؤنفت، يوم الاثنين الماضي، في العاصمة النمساوية فيينا، الجولة الثامنة من محادثات إحياء الاتفاق النووي، بمشاركة الوفود الممثّلة لإيران و»مجموعة 1+4» (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين)، ومنسّق اللجنة المشتركة للاتفاق النووي.وتتركّز هذه الجولة على بحث محتوى مسودّة الاتفاق وصياغتها، وسط خلافات واسعة تؤدّي بشكل أو بآخر إلى إبطاء سير المفاوضات. وربّما لهذا السبب أيضاً، لم تُعقد، خلال الأيام الماضية، الجلسة المشتركة للجنة الاتفاق النووي، بمشاركة جميع الأطراف، بل استُعيض عنها بلقاءات ومشاورات ثنائية أو متعدّدة الأطراف. ثمُ عُقد، أوّل من أمس، اجتماع مشترك لأعضاء اللجنة مع الولايات المتحدة، من دون حضورٍ إيراني، على اعتبار أن طهران لا تزال غير جاهزة لإجراء محادثات مباشرة مع واشنطن، قبل عودتها إلى الاتفاق النووي الذي جرى التوصّل إليه عام 2015.
في هذه الأثناء، كان لافتاً حضور نائب وزير خارجية كوريا الجنوبية، ووفدٌ من المملكة العربية السعودية إلى فيينا، حيث أجريا محادثات مع بعض الأطراف المتفاوِضة، الأمر الذي رأى فيه البعض مؤشّراً آخر إلى جدّية المفاوضات وتقدّمها. وربّما عبّر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، عن ذلك، بطريقة موارِبة، إذ قال، في إيجازه الصحافي، أوّل من أمس: «لقد حقّقنا تقدّما طفيفاً في محادثات مطلع الأسبوع الحالي، وشهدنا استمرار هذا التقدّم الطفيف». وأضاف: «نأمل في أن نبني، خلال الأيام المقبلة، على هذا التقدّم لمعالجة القضايا العالقة». برايس الذي أشار إلى أن «الزمن آخذٌ بالنفاد»، حذّر من أنه «في حال لم نتوصّل قريباً إلى تفاهُم بشأن العودة المتبادلة للالتزامات، فإن الخطوات النووية الإيرانية السريعة، ستبدّد المصالح المتعلّقة بحظر انتشار الأسلحة النووية في الاتفاق النووي، وسنضطرّ لسلوك طريق مختلف». وقال: «نحن نتحدّث عن عدّة أسابيع، وليس عدّة أشهر». في المقابل، أكّد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أنّ «الجولة الثامنة من محادثات إحياء الاتفاق النووي تسير في الاتجاه الصحيح». وقال، في مقابلة مع قناة «الجزيرة»: «إذا امتلكت الأطراف الغربية النيّة والإرادة الجادّتَين، فإنّه سيكون من الممكن التوصّل إلى اتفاق جيّد»، فيما كتب المندوب الروسي، ميخائيل أوليانوف، في تغريدة على موقع «تويتر»: «انطباعي هو أنّه متى ما تمّ إحياء الاتفاق، فإنّ إيران وأميركا ستجلسان خلف طاولة اللجنة المشتركة للاتفاق النووي، وستُرفع العقوبات وستعود الولايات المتحدة إلى موقعها بوصفها عضواً في الاتفاق النووي».
تفيد معلومات «الأخبار» بأن «الجولة الثامنة ستتواصل حالياً من دون أيّ سقف زمني محدّد»


وتفيد معلومات «الأخبار» بأن «مسودّة الاتفاق تحتوي، حالياً، على 12 جملة موضوعة بين هلالَين، تعكس المواضيع الخلافية، التي لم تتمّ تسويتها بعد بين الأطراف المتفاوِضة». وقال مصدر مطّلع ومقرّب من الفريق الإيراني المفاوِض، إن «عدد هذه الجمل كان قد بلغ سبعة، في نهاية الجولة السادسة من المحادثات التي أجريت في عهد الرئيس السابق، حسن روحاني»، مضيفاً أنّه «بعدما طرح الفريق المفاوِض الجديد، مطالب جديدة، أُضيفت حالات أخرى إلى هذه المواضيع». وبحسب المصدر، فإن أهم المواضيع الخلافية تتمثّل في «عدد ونوع العقوبات التي من المقرّر رفعها»، و»آلية التحقّق من رفعها»، و»أسلوب ضمان عدم تكرار الانسحاب من الاتفاق»، و»وضع اليورانيوم وأجهزة الطرد المركزي الإيرانية». وأشار إلى أن «الأطراف تبحث عن سبيل لإحياء خطّة العمل المشترك الشاملة دفعة واحدة».
أيضاً، تفيد معلومات «الأخبار» بأن «الجولة الثامنة ستتواصل حالياً، من دون أيّ سقف زمني محدّد»، مضيفة أنّه «رغم وجود خلافات واسعة، إلّا أنّ الأطراف حريصة على أن تستمرّ هذه المحادثات». لكن ثمّة احتمالٌ بأن تلجأ الأطراف الأوروبية الباقية في الاتفاق النووي، إلى تفعيل آلية «فضّ النزاع» (آلية الزناد)، في حال لم تحقّق هذه الجولة النتيجة المرجوّة، وذلك بهدف الضغط على طهران، عبر إعادة ملف البرنامج النووي إلى مجلس الأمن الدولي، لإعادة فرض العقوبات الدولية. ووفقاً للبندين 36 و37 من «خطّة العمل المشترك الشاملة»، بوسع أيٍّ من أطراف الاتفاق رفع شكوى إلى اللجنة المشتركة، التي ستكون أمامها في هذه الحالة مهلة 15 يوماً لتسوية القضية، قبل نقل المواضيع التي لم تتمّ تسويتها إلى وزراء الخارجية، الذين ستكون لديهم أيضاً مهلة 15 يوماً، ومن ثمّ ستُمهل اللجنة المشتركة 5 أيام أخرى، لتسوية القضية. وإن لم يقتنع الطرف الشاكي، بعد تلك المدّة الزمنية المتمثّلة في 35 يوماً، فإن بمقدوره رفع القضية إلى مجلس الأمن الدولي، تحت عنوان «التجاوز الملحوظ للاتفاق». وعندها، سيتعيّن على هذا المجلس أن يصوّت، في غضون 30 يوماً، لصالح قرارٍ بمواصلة تعليق العقوبات.