انتشار عسكري بحري إيراني شرق مضيق هرمز، مروراً ببحر عمان وصولاً إلى المدار 10 درجات شمال المحيط الهندي. مساحة تقدر بثلاثة ملايين كيلومتر مربع، أي بحدود ضعفي مساحة الجمهورية الإسلامية. قطع بحرية، مدمرات وغواصات وطائرات دفاعية، تساندها وحدات صاروخية من على الشواطئ. كلها تكتيكات متعددة ستنفذها القوات البحرية التابعة للجيش الإيراني خارج مياه الخليج، تحاكي اعتراض هجوم بحري لعدو افتراضي واحتوائه ومنعه من تنفيذ مهماته القتالية باتجاه الشواطى الإيرانية. المناورة التي أطلق عليها اسم "الولاية 4" تحاكي أيضاً تدريبات لمكافحة القرصنة البحرية، وتأمين الخطوط التجارية وتنفيذ عمليات إنقاذ بحري في عمق المحيط.البحرية الإيرانية تعمّدت عدم نشر قطعها البحرية غرب مضيق هرمز، لتفادي أي استفزاز لجيرانها في الخليج، وتوجهت نحو المياه الدولية لإجراء تدريباتها العسكرية في هذه المنطقة الحساسة، التي تعد شرياناً تجارياً حيوياً. وقد دفع الانتشار العسكري الواسع على امتداد المحيط الهندي، بقيادة القوات البحرية، إلى توجيه نداء لكافة السفن التجارية والعسكرية وإخطارها بضرورة التنبه وعدم الاقتراب من منطقة المناورات، حفاظاً على سلامتها، وذلك بسبب استخدام القوات العسكرية الإيرانية للذخيرة الحية من طوربيدات وصواريخ مضادة للسفن من طراز بر- بحر وبحر- بحر.
التزمت كافة السفن التجارية هذا التحذير فيما خرقته بعض القطع الحربية الأميركية التي اقتربت من مكان المناورات، فجرى إخطار المدمرة "يو اس اس مونتري" التي تحمل الرقم CG61 مرتين، بداية عبر طائرة استطلاع بحري ومن ثم بواسطة المدمرة "البرز"، وطُلب منها مغادرة منطقة المناورة فما كان من المدمرة الأميركية، التي يبلغ طولها 173م وعرضها 16,8م، إلا المغادرة والابتعاد عن مكان العمليات، وهي المدمرة نفسها التي تلقت تحذيراً من القوات البحرية في الحرس الثوري بضرورة تركها منطقة المناورة.
تأتي مناورة "الولاية 4" ضمن إطار البرنامج السنوي للمناورات البحرية الإيرانية

مناورة "الولاية 4" كانت مقررة مسبقاً، وتأتي ضمن إطار البرنامج السنوي للمناورات البحرية الإيرانية، لكنها جاءت بعد فترة وجيزة على احتجاز الحرس الثوري عشرة بحارة أميركيين شمال الخليج، والإفراج عنهم بعد التثبت من دخولهم عن طريق الخطأ، لتبث بعدها المشاهد "المذلة" للبحارة الأميركيين مستسلمين لبضعة رجال من الحرس الثوري حاصروهم بزورقين وأسلحة خفيفة.
الطلب الإيراني من القطع البحرية التجارية والعسكرية الابتعاد، هو تنفيذ لما تراه إيران قدرة على إغلاق مضيق هرمز أمام حركة الملاحة البحرية، فبمجرد الإعلان عن إجراء مناورة عسكرية شرق المضيق وصولاً إلى المياه الدولية في نقاط محددة، توقفت حركة الملاحة في تلك المنطقة. بالتالي تريد الجمهورية الإسلامية إظهار قدرتها العسكرية بحراً بعد حادثة البحارة الأميركيين في الخليج، ذلك أن مجرد الإعلان عن المناورة أغلق المجال البحري، فكيف سيكون رد الفعل في حال اشتعال حرب وتنفيذ إيران لتهديداتها بالسيطرة على مضيق هرمز بالنار، واستهدافها القطع البحرية "المعادية" أو تلك التي تمثل تهديداً لأمنها؟ وهو ما يعني الإغلاق الفعلي لمضيق هرمز ووقف الحركة الملاحية فيه.
قد لا تخرج المناورة البحرية، في تكتيكها، عن الإطار الكلاسيكي، إذ إن قوات البحرية التابعة للجيش الإيراني تعتمد أسلوب الجيش النظامي، وبالتالي تترك الحرية في التعامل غير الكلاسيكي لبحرية الحرس الثوري، التي تعتمد تكتيكات تستند إلى السرعة والمباغته والضرب من بعيد، وتستخدم الزوارق السريعة الصغيرة التي تمثل قلقاً كبيراً للقطع البحرية الأجنبية، وخصوصاً الأميركية منها.
لا يستهدف الوقوف على الجاهزية العسكرية للقوات البحرية البعد العسكري والقتالي فقط، فمهمات البحرية الإيرانية ستتضاعف مع الحركة التجارية التي ستشهدها الموانئ الإيرانية، مع رفع الحظر الاقتصادي عن طهران، وستكون الخطوط التجارية بحاجة لتأمينها وحمايتها من عمليات القرصنة النشطة، قرب القرن الأفريقي وباب المندب، ولا سيما أن حاملات النفط الإيرانية المتجهة إلى أوروبا ستستخدم البحر الأحمر ممراً إلزاميا لإيصال حمولتها إلى الشواطئ الشمالية للبحر الأبيض المتوسط.
تكتيكات عسكرية وتدريبات حماية تجريها البحرية الإيرانية لنقل الخبرات إلى الأجيال الشابة وإبقائها على أهبة الاستعداد، وقد تشهد هذه المناورة الكشف عن سلاح جديد مبتكر سيكون له تأثير في مدى فاعلية الردع البحري الإيراني.