ردَّت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم، على ما ورد في تقرير صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أمس، عن عملية اغتيال العالم النووي الإيراني، محسن فخري زاده، بالقول إن «هذا تقرير صحافي ليس أكثر ويجب التعامل معه بهذا الحجم فقط»، مشيرة إلى أن «المؤسسات الاستخباراتية والأمنية تتابع الموضوع بتفاصيل أدقّ».
وكان تقرير الصحيفة قد كشف عن تفاصيل عملية الاغتيال التي حصلت أواخر العام الماضي، وبيّنت أنه تم إعلام الإدارة الأميركية والرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب قبل القيام بها، استناداً إلى مقابلات مع مسؤولين أميركيين وإسرائيليين وإيرانيين، بينهم مسؤولان استخباريان مطّلعان على تفاصيل التخطيط للعملية وتنفيذها، دون الكشف عن هوية أي منهما لحساسية القضية.

وبحسب الصحيفة، الاستعدادات للعملية بدأت بعد سلسلة من الاجتماعات في نهاية عام 2019 ومطلع عام 2020 بين مسؤولين إسرائيليين، بقيادة مدير الموساد يوسي كوهين، ومسؤولين أميركيين رفيعي المستوى، بمن فيهم ترامب، ووزير الخارجية مايك بومبيو ورئيسة وكالة المخابرات المركزية جينا هاسبيل.

وعندما بدأت الولايات المتحدة مفاوضاتها مع إيران التي أدّت إلى الاتفاق النووي لعام 2015، أوقفت إسرائيل حملة الاغتيالات، لكن بعد أن ألغى ترامب هذا الاتفاق، أراد الإسرائيليون استئناف الحملة لمحاولة إحباط التقدم النووي الإيراني وإجبار إيران على قبول قيود صارمة على برنامجها. وفي أواخر شباط 2020، قدّم كوهين للأميركيين قائمة بالعمليات المحتملة، وكان فخري زاده على رأس قائمة المطلوبين لإسرائيل منذ عام 2007.

وقد أيّد المسؤولون الأميركيون خطة الاغتيال في واشنطن، بحسب مسؤول حضر الاجتماع، وأراد الإسرائيليون الاستعجال بها بسبب قرب الانتخابات الأميركية واحتمال خسارة ترامب، إذ إن خصمه جو بايدن، قد يعود إلى الاتفاقية النووية لعام 2015 التي عارضتها إسرائيل بشدة، وفق التقرير.

وأشار التقرير إلى أن «عملية الاغتيال جرت من دون وجود أي عملاء على الأرض، وبواسطة روبوت قاتل قادر على إطلاق 600 طلقة في الدقيقة. وهو سلاح جديد عالي التقنية مزوّد بذكاء اصطناعي وكاميرات متعددة تعمل عبر الأقمار الصناعية (...) وبلغ وزن المدفع الرشاش مع الروبوت وباقي الملحقات مجتمعة نحو طن تقريباً، لذلك تم تفكيك المعدات إلى قطع صغيرة، ومن ثم جرى تهريبها إلى إيران بطرق وأوقات مختلفة، ثم أعيد تجميعها سراً هناك»، بحسب المصدر نفسه.

كما بيّن التقرير أنه تمّ بناء الروبوت ليتناسب مع حجم حوض سيارة بيك آب من طراز زامياد، شائعة الاستخدام في إيران، وكذلك تم تركيب كاميرات في اتجاهات متعددة على الشاحنة لمنح غرفة القيادة صورة كاملة ليس فقط للهدف وتفاصيله الأمنية، ولكن للبيئة المحيطة»، مشيراً إلى أنه «في النهاية، تمّ تفخيخ الشاحنة حتى يمكن تفجيرها عن بعد وتحويلها إلى أجزاء صغيرة بعد انتهاء عملية القتل، من أجل إتلاف جميع الأدلة».

وأكد التقرير أن «العملية بكاملها استغرقت أقل من دقيقة، وتم خلالها إطلاق 15 رصاصة فقط، حيث أشار محققون إيرانيون إلى أن الرصاصات لم تصب زوجة فخري زاده التي كانت تجلس على بعد سنتمترات قليلة، بسبب استخدام تكنولوجيا «FACE DETECTION» المزوّدة بالسلاح.

وأشار التقرير إلى أن «إحدى سيارات الحراسة انفصلت عن الموكب على بعد كيلومترات من موقع الحادث، بهدف التحقق ورصد أي حركة مشبوهة»، مشيراً إلى أنه «قبل الساعة 3:30، وصل الموكب إلى منعطف على طريق فيروز كوه. توقفت سيارة فخري زاده تقريباً، وتم التعرف إليه بشكل إيجابي من قبل المشغّلين وانعطفت القافلة يميناً على شارع الإمام الخميني، ثم اندفعت السيارة التي تقود الموكب إلى المنزل لتفقده قبل وصول فخري زاده».

وأضاف: «أبطأت القافلة سرعتها لحدوث مطبّ قبل زامياد مباشرة. بدأ كلب ضالّ في عبور الطريق. بعدها أطلق المدفع الرشاش رشقة من الرصاص أصابت مقدمة السيارة. لم يتضح ما إذا كانت هذه الطلقات أصابت فخري زاده لكنّ السيارة انحرفت وتوقفت (...) وقام مطلق النار بتعديل الرؤية وأطلق رشقة أخرى، فأصابت الزجاج الأمامي ثلاث مرات وأصابت فخري زاده في كتفه. نزل من السيارة وبعدها اخترقت ثلاث رصاصات عموده الفقري، فانهار على الطريق».

وفيما «ركضت زوجته باتجاهه، وقال لها، بحسب أبنائه: «يريدون قتلي وعليك المغادرة»، انفجرت «الشاحنة الزرقاء بعد تنفيذ مهمتها. لكنّ هذا الجزء من العملية لم يسر كما هو مخطط له، إذ لم يمزق الانفجار الروبوت إلى أشلاء صغيرة، بل تمكن الإيرانيون من الحصول على عدد من أجزائها التي تضرّرت ولكنها بقيت سليمة إلى حدّ كبير».