يأتي يوم الجمعة المقبل، 18 حزيران 2021، ليخطّ اسماً جديداً على مقعد الرئاسة الإيرانية، وسط نقاش اقتصادي حام تجلّى في بدء المناظرات الرئاسية، ولم ينته مع ختام الحلقة الثالثة منها، بل ظل الجو السائد في إيران، يدور حول ماهية الخطط الاقتصادية للرئيس المقبل، وكيفية قدرته على تصحيح الوضع الحالي.

يشير تقرير لمركز الإحصاء الإيراني الذي أجرى مسحاً للقوى العاملة عام 2020، إلى أن معدل البطالة في إيران لمن تبلغ أعمارهم 15 عاماً وأكثر، قد بلغ 9.6% من إجمالي السكان.

ويفيد التقرير أن 40% من العاطلين عن العمل هم من خرّيجي الجامعات، مع العلم أن مركز الأبحاث التابع لمجلس الشورى الإيراني يقول بأن معدل البطالة الحقيقي أكثر بـ 2.5 ضعف هذا الرقم.

ومع ختام المناظرة الثالثة والأخيرة بين المرشحين، قدّمت الأسماء وعوداً عدة تتعلق بالاقتصاد. التقييم الأولي يؤكد وجود فجوة بين الوعود المنتظر تحقيقها وبين واقع الحال. فالحكومة الحالية تعاني ضغوطاً كثيرة أقلها عدم القدرة على دفع رواتب الموظفين الحكوميين، حسب ما ذكرت صحيفة «دنياي اقتصاد».

مقابل هذا الواقع، نرى المرشحين قد قطعوا وعوداً مالية كبيرة، كانت عنوان الانتقادات بين المرشحين وجمهورهم.
ولأنّ الأولوية للناخبين بأكملهم، هي الاقتصاد، ينتظر المواطن الإيراني التخلص من التضخم المرتفع والركود الاقتصادي الذي عانى منه في السنوات القليلة الماضية. والعمل الذي قد يباشر به الرئيس الجديد، هو استعادة القوة الشرائية المفقودة، والحفاظ نوعاً ما على الاستقرار الاقتصادي.

ويقع الحمل الأثقل على عاتق المرشح الأبرز للفوز بمقعد رئاسة الجمهورية، رئيس السلطة القضائية السيد إبراهيم رئيسي، الذي وعد على مدار 4 سنوات، ببناء 4 ملايين وحدة سكنية رخيصة، دون الخوض في المزيد من التفاصيل.

كثر الحديث عن تشابه خطة رئيسي، مع خطة الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد: خطة «مهر» السكنية، التي تعرّضت للكثير من الانتقادات وقتها بسبب سوء الإدارة وقتها وضعف التمويل المصرفي لهذا المشروع. مع العلم أن وزير الإسكان في إدارة أحمدي نجاد، كان علي نيكزاد، وهو أحد المقربين من رئيسي.

وعدٌ آخر، كان عن خلق مليون وظيفة سنوياً، وتحقيق معدل تضخم أحادي الرقم بحلول عام 2025، وهو من أكثر الوعود قبولاً للتحقيق، لكنّ ذلك، سيتطلب استثمارات ضخمة، بالإضافة الى وضع حد لاستمرار العجز في الموازنة. وكل ذلك يتطلب عدم اتخاذ قرارات متشددة بالتفاصيل الاقتصادية بالتزامن مع اجراء إصلاحات سياسية وقانونية.

خصم رئيسي الأول، عبد الناصر همتي والذي شغل أخيراً منصب محافظ البنك المركزي الإيراني قطع وعوداً لا بأس بها أيضاً، وعلى رأسها تقليص حجم الحكومة، وتوسيع أسواق رأس المال.

يتساءل العديد من الإيرانيين، عن سبب ضعف أداء همتي خلال ولايته داخل البنك المركزي، وعن عدم معالجته بعض المشاكل الاقتصادية التي كان يُعتبر مسؤولاً عنها. يملك رئيس البنك المركزي، ومعه رئيس الجمهورية، وقياديون آخرون وجهات نظر اقتصادية مختلفة، ولأن هيكل السلطة في إيران تتشابك فيه خيوط السياسات الاقتصادية، يصعب على أحد اتخاذ القرار دون موافقة مجلس آخر. وهذا ما يسبب حالات أخذ ورد كثيرة بين أروقة القرار محافظين وإصلاحيين ووسطيين.

كل هذا سهَّل على بعض المرشحين إطلاق وعود وُصفت بالخرافية، أبرزها لقائد الحرس الثوري الإيراني السابق محسن رضائي، الذي وعد بدفع مبلغ شهري قدره 450 ألف تومان إلى 40 مليون إيراني. وهذا ما قد يؤدي إلى خلق عبء مالي إضافي على الحكومة. بالإضافة الى زيادة المساعدات النقدية بمقدار عشرة أضعاف.

أما المرشح الآخر أمير قاضي زاده هاشمي، فوعد بحل القضايا المتعلقة ببورصة طهران بغضون ثلاثة أيام؛ وهو ما يُعتبر مستحيلاً على كل الصعد.

يُعتبر رئيسي وهمتي، على صعيد الوعود الاقتصادية، الأكثر واقعية، ولا شك في أنه إذا ما نجحت المفاوضات الحالية لاستعادة الاتفاق النووي، وتمكنت إيران من الوصول إلى أصولها بالعملة الصعبة الأجنبية، ونجحت بتصدير المزيد من النفط، فإن ذلك سيؤدي إلى تحصيل نجاح اقتصادي بغضّ النظر عمن سيجلس على كرسي الرئاسة.

مع العلم أن نجاح رئيسي، سيؤدي إلى حل الأمور بشكل أسهل وأسرع، وسيستفيد من قربه من بيت المرشد، وهو ما يهون عليه عدة أمور. بالإضافة الى ذلك، ستسانده سيطرة المحافظين على مقاعد البرلمان.

وبالنتيجة، بوجود برلمان محافظ ورئيس محافظ مقرّب من المرشد، بالإضافة إلى تشكيل حكومة مدعومة من قبل باقي المؤسسات السياسية في النظام، كل ذلك سيؤدي إلى تهوين الأمور على الإيرانيين، والإسراع بتنفيذ سياسات اقتصادية مرتقبة قادرة على تحسين الأوضاع عامةً.