مع بدء استراحتهما الثانية من المحادثات غير المباشرة في فيينا، والهادفة إلى إحياء «خطّة العمل الشاملة المشتركة»، تسير الولايات المتحدة وإيران على طريق تذليل العقبات التي لا تزال تحول دون تحقيق خرقٍ كبير. وتُجلّي الإشارات الواردة من واشنطن، بوضوح، اعتزام الأخيرة تبنّي رفعٍ تدريجي للعقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية، وهو ما بيّنه مسؤول أميركي رفيع المستوى أفاد، يوم أمس، بأن الولايات المتحدة أطلعت إيران على تفاصيل العقوبات التي يمكن واشنطن رفعها في إطار العودة إلى الاتفاق. وكشف أن بلاده قدَّمت للجانب الإيراني ثلاثة أمثلة على أنواع العقوبات التي يجب رفعها، وتلك التي يتعيّن عليها رفعها ولن ترفعها، وفئة ثالثة تتضمَّن ما وصفها بأنها «حالات صعبة»، خصوصاً وأن إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، فرضت عقوبات على طهران غير مرتبطة بالبرنامج النووي، مِن مِثل إدراج مؤسّسات إيرانية في قائمة الإرهاب بغرض «منع» عودة إدارة الرئيس جو بايدن إلى الاتفاق أو إعاقتها.لكن المسؤول لم يؤكِّد أو ينفِ المعلومات التي أوردتها صحيفة «وول ستريت جورنال»، وفيها أن الوفد الأميركي أبدى استعداداً لرفع عقوبات فرضتها الإدارة السابقة، تستهدف القطاعَين النفطي والمالي، استناداً إلى اتهامات بـ«الإرهاب». ونقلت الصحيفة الأميركية عن مصدرَين مطلعَين قولهما إن أميركا منفتحة على تخفيف عقوبات الإرهاب المفروضة على المصرف المركزي الإيراني، وشركات النفط والناقلات الوطنية الإيرانية، والقطاعات الاقتصادية الرئيسة، بما في ذلك الصلب والألمنيوم. وبحسب مصادر الصحيفة، فإن واشنطن أشارت أيضاً إلى تخفيف محتمَل للعقوبات على قطاعات تشمل المنسوجات والسيارات والشحن والتأمين، لكنها ليست على استعداد لرفع «الحرس الثوري» الإيراني من قائمة المنظّمات الإرهابية. ولفتت «وول ستريت جورنال» إلى أن العقوبات ضدّ الحرس ومكتب المرشد الإيراني، علي خامنئي، تقف عقبة أمام التفاوض غير المباشر بين الجانبَين.
يبدو أن واشنطن ليست على استعداد لرفع «الحرس الثوري» من قائمة المنظّمات الإرهابية


وفي ظلّ رفض إيران التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة، يجول المسؤولون الأوروبيون بين الطرفين. وفي هذا الإطار، قال دبلوماسي أوروبي: «حقّقنا تقدُّماً، لكن لا يزال يتعيّن عمل الكثير». وأضاف: «نحضّ كلّ الأطراف على اغتنام الفرصة الدبلوماسية السانحة أمامهم. ندين الإجراءات التي يمكن أن يتّخذها أيّ طرف ومن شأنها أن تؤدّي إلى التصعيد أو تعريض التقدّم المحرَز للخطر». ويأمل مسؤولون أوروبيون، وفق ما أوردت وكالة «رويترز»، في أن تتوصّل مباحثات فيينا إلى شيء ملموس بحلول منتصف أيار/ مايو، أي قبل أن ينتهي أَجَل اتفاق للمراقبة بين إيران و«الوكالة الدولية للطاقة الذرية» في وقت لاحق من الشهر المقبل، وقبل الانتخابات الإيرانية المقرَّرة في 18 حزيران/ يونيو.
ويعاود أطراف الاتفاق النووي الاجتماع مطلع الأسبوع المقبل في فيينا، لإتاحة المجال للوفود للتشاور مع عواصمها بعد محادثات شهدت «تقدُّماً» لكنّها تبقى «صعبة». وكتب انريكي مورا، المدير السياسي للاتحاد الأوروبي الذي يتولّى تنسيق المباحثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن، عبر حسابه في موقع «تويتر»: «تمّ تحقيق تقدُّم خلال الأسبوعين الماضيين. لكن يتبقّى الكثير من العمل الواجب القيام به». ولفت الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، من جهته، إلى أن المباحثات «إيجابية وقد حصل بعض التقدّم»، لكن «الطريق أمامنا لا يزال أطول من الأشواط التي قطعناها». وأضاف: «يمكننا القول إنه لم يسجَّل أيّ اختراق. لطالما قلنا إن هذه العملية حتى لو سارت بشكل جيّد نسبياً، لن تكون سهلة ولا سريعة»، مشدّداً على وجود «صعوبات» مرتبطة بالطابع «غير المباشر» للمفاوضات.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا