أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، في خطاب للأميركيين، أنه قرر بدء سحب جميع القوات الأميركية من أفغانستان، مؤكداً أنها ستكمل انسحابها قبل 11 أيلول المقبل.

وقال بايدن: «أنا الآن رابع رئيس أميركي يشهد وجوداً للقوات الأميركية في أفغانستان. جمهوريان وديمقراطيان. لن أنقل هذه المسؤولية إلى خامس». وأضاف: «حان الوقت لإنهاء أطول حرب أميركية. حان الوقت لعودة القوات الأميركية إلى أرض الوطن».

واعتبر بايدن أن قواته حققت «الهدف (الذي) دفعنا للذهاب»، وهو «التأكد من أن أفغانستان لن تستخدم قاعدةً لمهاجمة بلادنا مجدداً»، وفق قوله.

وبعد خطاب الرئيس الأميركي، أعلنت دول «حلف شمال الأطلسي»، في بيان، أنها قررت مباشرةَ سحب قواتها المنتشرة في إطار مهمة «الدعم الحازم»، في أفغانستان، بحلول الأول من أيار المقبل، موضحةً أنه انسحاب سيكون «منظّماً ومنسقاً ومدروساً». وأعرب «الناتو» عن توقعه بـ«إنجاز انسحاب كل القوات الأميركية وقوات المهمة في غضون بضعة أشهر».

وكان اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء في مهمة «الدعم الحازم»، غير القتالية، في أفغانستان، التابعة لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، انعقد في بروكسل، أعقبه اجتماع آخر عبر تقنية «الفيديو كونفرانس»، لوزراء خارجية ودفاع الدول الأعضاء في «الناتو».

وفي مؤتمر صحافي مشترك، من بروكسل، توعد الأمين العام لـ«الناتو»، ينس ستولتنبرغ، ووزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكن، حركة «طالبان» بالرًد على أي هجوم على القوات الأجنبية خلال انسحابها من الأراضي الأفغانية.

ويأتي قرار بايدن تأجيل الانسحاب من أفغانستان، على الرّغم من موقف حركة «طالبان» الرافض لأي بقاء للقوات الأجنبية على الأراضي الأفغانية، بعد الموعد المحدد في «اتفاق الدوحة» بمطلع أيار المقبل.

وفي هذا السياق، حذّر المتحدث باسم حركة «طالبان»، ذبيح الله مجاهد، اليوم، من «تفاقم المشاكل بالتأكيد» في «حال انتهاك الاتفاقية وعدم خروج القوات الأجنبية من بلدنا فى الموعد المحدد»، محمّلاً مسؤولية ذلك لمن «لم يمتثلوا للاتفاقية». أما في حال الالتزام بمضمون «اتفاق الدوحة»، فأكد ذبيح الله، عبر «تويتر»، أنه سيتم «إيجاد مسار لمعالجة القضايا المتبقية».

ويقابل موقف «طالبان» الرافض للقرار الأميركي الجديد، موقف للطرف الآخر من النزاع الأفغاني (الدولة)، رافضٌ للانسحاب من الأساس، لكنّه عاجزٌ عن إيقافه.

إذ أعلن الرئيس الأفغاني أشرف غني، عبر «تويتر»، أنه بحث مع الرئيس الأميركي قرار الانسحاب بحلول 11 أيلول المقبل.

وفيما أعرب عن احترامه القرار الأميركي، قال غني: «سنعمل مع شركائنا في الولايات المتحدة لضمان انتقال سلس»، مؤكداً أن قواته «قادرة تماماً على الدفاع عن شعبها وبلدها».

وكان رئيس البرلمان الأفغاني، مير رحمان رحماني، حذّر من اندلاع «حرب أهلية» وتحوّل أفغانستان إلى «بؤرة للإرهاب الدولي» في حال انسحاب القوات الأميركية منها.

وشدد رحماني، أمام البرلمان الأفغاني، اليوم، على أن «انسحاب القوات الأمريكية يجب أن يتم عقب الوصول إلى صيغة توافقية بين مكونات المشهد الأفغاني»، معرباً عن اعتقاده بـ«أن انسحاب الجنود الأجانب سيعتمد على شروط مواتية، بما في ذلك تحقيق الأمن والاستقرار والسلام والديمقراطية، وإلا ستتكرر تجربة الماضي المؤلمة»، وفق رحماني.

أما دولياً، وعلى خلفية قرار بايدن، أعربت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في بيان، عن قلق روسيا «من تصعيد محتمل مُقبل للنزاع المسلح في أفغانستان، والذي قد يؤدي بدوره إلى تقويض الجهود لإطلاق مفاوضات بين الأطراف الأفغان».

ولم تهدأ أعمال العنف في أفغانستان، على الرغم من المفاوضات الجارية بين الطرفين، في الدوحة، ومن ثم في موسكو، وصولاً إلى إسطنبول، التي من المفترض أن تستضيف، في 24 نيسان، مفاوضات ترمي إلى التوصل إلى تسوية داخلية بين حركة «طالبان» والحكومة الأفغانية.

وقد وثّقت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان، في تقرير لها، مقتل 573 مدنياً وإصابة 1210 آخرين، في الفترة الممتدة من بداية العام الحالي حتى آذار الماضي. وحمّل تقرير الأمم المتحدة المسؤولية عن مقتل 43.5% من الضحايا إلى حركة «طالبان»، فيما حمّل نسبة 25% إلى قوات الحكومة الأفغانية.

ومن غير المعلوم بعد، ما إن كانت «طالبان» ستشارك في مؤتمر إسطنبول، بعد القرار الأميركي الجديد. فبعد الكشف عن قرار بايدن، أمس، أعلن المتحدث باسم «طالبان»، محمد نعيم، في تغريدة، أن «الإمارة الإسلامية لن تشارك في أي مؤتمر لصنع قرارات بشأن أفغانستان، طالما لم تنسحب القوات الأجنبية من البلاد تماماً».