على رغم أن قمّة وزراء خارجية «حلف شمالي الأطلسي» كانت مخصَّصة، في جزء منها، لبحث مستقبل القوات الدولية في أفغانستان، إلّا أن عدم وضوح خطط الولايات المتحدة في هذا البلد، وعدم حسمها لمسألة الانسحاب المُحتمل إرجاؤه إلى ما بعد أيار/ مايو، حالا دون اتّخاذ قرار على مستوى الحلفاء الراغبين في استكمال مهمّتهم، وعلى رأسهم ألمانيا التي حذّر وزير خارجيتها، هايكو ماس، من «(أنّنا) لا نريد مغادرة هذا البلد كما وجدناه قبل 20 عاماً، ونأمل بأن نتمكّن من التحدُّث بشكل ملموس مع الولايات المتحدة حول تطورات الأسابيع المقبلة»، فيما أعلن الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ، أن «كلّ الخيارات لا تزال مفتوحة» حيال أفغانستان. لكن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الذي غلّف مسألة الانسحاب بالغموض، سعى إلى إرضاء شركاء بلاده عبر طمأنتهم إلى مستقبل «الناتو»، قائلاً: «مصمِّمون على تعزيز تحالفاتنا لتعزيز شراكاتنا، بدءاً بحلف شمالي الأطلسي». وفيما أقرّ الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأسبوع الماضي، بأنه سيكون «من الصعب» على واشنطن الالتزام بالجدول الزمني المُحدَّد في إطار «اتفاق الدوحة»، أشار وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، عقب لقائه الرئيس الأفغاني، أشرف غني، قبل أيّام، إلى أن توقيت سحب القوات الأميركية من أفغانستان لم يُحسم بعد، وأن القرار منوط بالرئيس الأميركي، مؤكّداً رغبة بلاده في إنهاء الصراع.التخبُّط في الملفّ الأفغاني قَابَله، من جهة أخرى، تناغم وزراء خارجية «الناتو» الذين يستكملون اجتماعهم في بروكسل اليوم، حيال روسيا، إذ حذّروا، في بيان مشترك صدر عنهم، من تهديد «أنشطتها العدوانية» على الأمن الأورو ــــ أطلسي. ولفت البيان إلى أن الحلف «يواجه تهديدات متزايدة ومنافسة منهجية. وبينما تشكِّل الأنشطة العدوانية الروسية تهديداً للأمن الأوروبي ــــ الأطلسي، تبقى كل أشكال ومظاهر الإرهاب تهديداً مستمراً لنا جميعاً»، مضيفاً إن اجتماع وزراء خارجية «الناتو» يأتي من أجل إعادة التأكيد على الروابط الدائمة عبر الأطلسي بين أوروبا وأميركا الشمالية. وجدَّد البيان تأكيد التزام الحلف «بمعاهدة واشنطن، بما في ذلك المادة الخامسة التي تنصّ على اعتبار أن الهجوم على حليف واحد سيعتبر هجوماً ضدّنا جميعاً»، متابعاً أن «الشراكة عبر الأطلسي ستظلّ حجر الزاوية للنظام الدولي القائم على الدفاع المشترك، والتوافق السياسي والقواعد».
ستواصل الولايات المتحدة الضغط على ألمانيا للتخلّي عن مشروع «السيل الشمالي 2»


في هذا الوقت، ستواصل الولايات المتحدة الضغط على ألمانيا للتخلّي عن مشروع خط أنابيب الغاز «السيل الشمالي 2»، بينها وبين روسيا، إذ أكَّد بلينكن أنه سيلغ ماس مجدَّداً معارضة بلاده للمشروع. وفي مسألة العلاقات مع تركيا، اعتبر بلينكن أن «الناتو» يمكنه أن يصبح أقوى بعد فترة من الخلافات الداخلية، مضيفاً إنه يتعيّن إبقاء الحليفة التركية في بؤرة العلاقات عبر الأطلسي. وفي لقاء حواري مع ستولتنبرغ، في مقرّ الحلف في بروكسل، قال بلينكن إنه على رغم الخلافات العلنية مع أنقرة، فإن واشنطن و»الناتو» لهما مصلحة قوية في الحفاظ على ارتباط تركيا الوثيق بالتحالف، بوصفها «حليفاً قديماً ذا قيمة»، مشيراً إلى أن الحلف أظهر دوراً فعّالاً في الحدّ من التوترات شرقي البحر المتوسط. وسادت، في الأعوام الماضية، علاقة متأرجحة بين واشنطن وأنقرة شابتها خلافات في شأن عدد من الملفات، على رأسها قضيّة شراء تركيا منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس - 400» واعتبار الولايات المتحدة تلك المنظومة تهديداً لمنظومات «الأطلسي» ومقاتلات «إف - 35»، وهو ما علّق عليه ستولتنبرغ، بإبداء قلقه من بعض «الخلافات في الرأي» مع تركيا، وخصوصاً في ما يتعلّق بشرائها منظومة «إس - 400» الروسية.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا