سعر النفط قد يصل إلى مئة دولار للبرميل، في الأشهر القليلة المقبلة، هذا ما خلص إليه الخبير بشؤون الطاقة، ومدير عام مركز استشارات برينستون للطاقة، ستيفن كوبيتس، الذي رأى أنّ أعضاء منظمة "أوبك"، يتبعون حالياً سياسة إنتاج، قد تقود عمّا قريب إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط العالمية.واستند كوبيتس، في تحليله، إلى تقرير صدر، في شهر شباط الماضي، عن "الإدارة الأميركية للمعلومات والطاقة" (EIA)، شمل توقّعاتها لقطاع الطاقة العالمي. وورد في التقرير المذكور، أنّ استهلاك النفط العالمي، في شهر آذار الجاري، سيصل إلى 96.7 مليون برميل، كمعدّل يومي. لكنّ كمية المعروض من النفط أقل بكثير من هذا الرقم، وتقف حالياً عند حاجز الـ93.6 مليون برميل كمعدّل يومي، أي بفارق 3.1 مليون برميل. وتعمد الدول المستهلكة، إلى تعويض هذا النقص بالعرض، من خلال فتحها لخزّاناتها الاحتياطية النفطية، وسدّ حاجاتها منه. إلّا أنّ هذا الفارق بين الكمية المعروضة والمطلوبة يعدّ كبيراً، وحتماً سيكون له تأثير على سعر البرميل، في المدى القريب.

مقالات ذات صلة:
النفط في أعلى مستوى له منذ عام
75 دولاراً للبرميل، هل يكفي السعودية؟ النفط مقابل الوباء
57% من صفيحة البنزين جعالات وضرائب

وفي تقريرها أيضاً، توقّعت "إدارة المعلومات والطاقة"، أن يزداد الطلب العالمي، منتصف العام الحالي، ليصل إلى 98.2 برميل يومياً، خلال شهر تموز (4 مليون برميل أقل من متوسط الطلب قبل جائحة "كورونا"). وفي الوقت الحالي، ما زالت الدول المستوردة تغطّي ضعف العرض، بالنفط البرازيلي. وهذه الأخيرة خارج منظمة "أوبك"، أي أنها غير ملتزمة بسقف الإنتاج الذي اعتمدته دول المنظمة، في وقت سابق من هذا الشهر، ما يسمح لها بزيادة إنتاجها النفطي لسدّ فارق الطلب الطارئ. إلّا أنّ "الحل البرازيلي" ليس مستداماً، بحسب كوبيتس، فللدولة الجنوب أميركية قدرة محدودة على لعب هذا الدور، وهنا تظهر علامة استفهام بشأن نوايا "أوبك"، وماذا تخطّط له في ظلّ النقص الواضح في الكمية المعروضة.

خطّة "أوبك" لإحكام سيطرتها على السوق
لا يرى الباحث الأميركي، في الوقت الراهن، علامات تغيير في سياسات "أوبك"، كما لا يظن أنّ المنظّمة ستعدّل من إنتاجها بشكل حاسم، لتُلاقي الازدياد المتوقّع بالطلب في الأشهر المقبلة. وهذا قد ينتج عنه فارق بين العرض والطلب يصل 3.5 مليون برميل يومياً، في شهر تموز، ما يعادل 3.6 في المئة من الحجم الاستهلاك العالمي، بحسب أرقام "إدارة المعلومات والطاقة"، وهو رقم ضخم بدون شك. ويتابع الخبير الأميركي، أنّ "أوبك"، ومن خلال تلكّئها عن حلّ هذه المشكلة، و الإبقاء على الكمية المعروضة منخفضة، تجفّف مخازن الدول من النفط، التي امتلأت عن آخرها بالنفط الرخيص، الذي اشترته تلك الدول أيام انهيار سعر البرميل خلال العام الماضي وراكمته في خزّاناتها. ومن شأن خطوة كهذه، بنظر "أوبك"، أن تعيد سيطرتها على سعر النفط في السوق بشكل محكم، كاللاعب رقم واحد في تحديد سعر البرميل. بمعنى آخر، على الدول المستهلكة أن تستعدّ للتنافس على الكمية التي تعرضها الدول المنتجة، من دون إمكانية الرجوع إلى مخازنها النفطية، التي ستكون قد فرغت حينها، مع ما يعنيه ذلك من ارتفاع في سعر النفط.
(أ ف ب)

السعر المرتفع يناسب الدول المنتجة طبعاً، وتستطيع هذه الدول أن تنتج المزيد من النفط في حال رأت أنّ السوق يحتدم، لتخفّف من احتقانه، إلّا أنّ هذه السياسة الإنتاجية من شأنها أن تسمح لـ"أوبك" أن تختبر أسعار نفط خيالية. وإذا ما أضفنا العوامل السياسية، فنستطيع أن نرى كيف أنّ الأحداث الأمنية في منطقتنا ممكن أن تخدم سياسة المنظمة، كاستهداف الجيش و"اللجان الشعبية" اليمنية لمنشأة من منشآت "أرامكو" الأحد الماضي، الذي تسبب بارتفاع سعر برميل النفط حيث كاد يلامس الـ70 دولاراً، قبل أن يعود لينخفض يوم أمس، بعد زوال المخاوف بشأن قدرة الشركة السعودية على متابعة إنتاجها بالزخم ذاته.
يصعب تحديد أين سينتهي المطاف بأسعار النفط العالمية، إلّا أنّ الفرصة متاحة الآن أمام "أوبك" لاستغلال الظروف الراهنة، وجني أرباحٍ طائلة. أرباحٌ يظن أعضاء المنظّمة النفطية أنّها قد تعوّضهم عن جزء من الخسائر التي تكبّدوها مع انتشار جائحة "كورونا"، قبل عام من الآن.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا