صحيح أن حالة من المراوحة لا تزال تسيطر على قضية الاتفاق النووي الإيراني، بفعل الدعوات المتبادلة بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة للمبادرة إلى الخطوة الأولى، والامتثال لِمَا ورد في بنود الصفقة، إلّا أن إشارات قُرئت على أنها «إيجابية» بدأت تتردَّد على أكثر من مستوى، في شأن انطلاق مفاوضات غير رسمية تجمع طهران إلى مجموعة «5+1»، في مسعى إلى إحياء الصفقة النووية. وعلى رغم تجديد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، تأكيده ضرورة تنفيذ الالتزامات بموجب الاتفاق، قبل عقد أيّ اجتماع، فهو أعلن أنه سيقدِّم قريباً خطّة عمل «بنّاءة» عبر القنوات الدبلوماسية المناسبة. إعلانٌ جاء في أعقاب إبداء واشنطن «دعمها» لقرار الأوروبيين سحب مشروع قرار ضدّ طهران في «الوكالة الدولية للطاقة الذرّية»، وأملها في أن توافق إيران على «التحاور».وفي موازاة إعلان ظريف، أفاد مصدران أوروبيان، وكالة «رويترز»، بأن إيران قَدَّمت إشارات «مشجّعة» في الأيام الماضية إلى إمكانية بدء محادثات غير رسمية، في أعقاب تخلّي الأوروبيين عن طرح مشروع قرار ينتقد الجمهورية الإسلامية أمام مجلس حكّام «الوكالة الدولية للطاقة الذرّية»، لحمل طهران على العودة إلى طاولة المفاوضات مع واشنطن. وفي الإطار نفسه، نقلت «فرانس برس» عن دبلوماسي فرنسي قوله إن «الأمور تتحرّك في الاتجاه الصحيح»، متحدّثاً عن احتمال عقد «لقاءٍ غير رسمي في بروكسل في غضون أسبوع أو أسبوعين»، بحضور الولايات المتحدة. ومن بين مؤشّرات التقدّم، قبول إيران الانخراط في «اجتماعات تقنية» مع الوكالة من أجل «توضيح قضايا عدّة لا تزال عالقة»، وفق ما أعلنه، أول من أمس، مدير «الطاقة الذرّية»، رافايل غروسي، الذي قال: «نجحنا في نهاية المطاف في الاتفاق على إطلاق عمليّة تحليل معمّق» في شأن «حالات ملموسة» تطرح مشاكل، معلِناً أن الاجتماع الأول سيُعقد «في إيران مطلع نيسان/ أبريل» المقبل. من جهته، أوضح ناطق الخارجية الأميركية، نيد برايس، أن الدول الأوروبية «قرّرت، بدعم كامل من الولايات المتحدة، أن أفضل طريقة «للمُضيّ قُدُماً» هي في الامتناع عن تقديم مشروع القرار»، مضيفاً: «نحن راضون عن نتائج اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرّية».
برزت إشارات في الأيام الماضية إلى إمكانية بدء محادثات غير رسمية


في هذا الوقت، كانت ويندي شيرمان، مرشّحة الرئيس الأميركي، جو بايدن، لمنصب نائب وزير الخارجية، تشدِّد، أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ التي التأمت الأربعاء للمصادقة على تعيينها، على ضرورة معالجة برنامج إيران للصورايخ الباليستية، وحضورها الإقليمي، و«انتهاكاتها لحقوق الإنسان»، مؤكّدة أنها ترى جيّداً التهديد الذي تشكِّله طهران على مصالح واشنطن وحلفائها. وقالت شيرمان، التي تُعدُّ من أبرز رافضي سياسة «الضغوط القصوى» التي اتّبعها الرئيس السابق، دونالد ترامب، إن «عام 2021 مختلف عن عام 2015، عندما تمّ التوصل إلى اتفاق مع إيران. الوقائع على الأرض تَغيّرت والمعالم الجيوسياسية في المنطقة تَغيّرت، هذا يعني أن الطريق تَغيّرت أيضاً». وسعت شيرمان إلى تهدئة مخاوف الجمهوريين والديموقراطيين على السواء، لناحية دورها السابق في الفريق المفاوض الأميركي الذي خاض محادثات انتهت إلى توقيع الاتفاق النووي مع إيران، في تموز/ يوليو 2015. وبدا موقف الجمهوريين الرافض للعودة إلى الاتفاق القديم واضحاً؛ إذ قال زعيمهم في اللجنة السناتور، جيمس ريش، إن العودة إلى الاتفاق «لا يجب أن تكون مطروحة على الطاولة»، محذّراً من الثقة بطهران ورفع العقوبات عنها أثناء سير المفاوضات، معتبراً أن «إيران لم تتوصّل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، الاتفاق كان مع أوباما وجون كيري». من جهته، أبدى رئيس اللجنة الديموقراطي، بوب ميننديز، معارضته العودة إلى الاتفاق من دون شروط جديدة، محذّراً بايدن من أن التغاضي عن مشورة الكونغرس بحزبَيه قبل التوصُّل إلى أيّ اتفاق، سيتسبّب في انهياره لاحقاً، كما جرى في السابق.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا