تكاد العلاقات الروسية ــــ الأوروبية تصل إلى نقطة "اللاعودة"، وخصوصاً بعد فشل المساعي في إحداث ثغرةٍ في جدار أزمة الثقة التي فاقمتها قضيّة تسميم ومن ثمّ سجن المعارض الروسي، ألكسي نافالني. وعلى خلفيّتها، لجأ الغرب، مجدّداً، إلى التلويح بسلاح العقوبات ضدّ موسكو، التي وصفت السلوك الأوروبي بـ"المبالغ فيه" إزاء هذه القضية، ملوحةً بقطع العلاقات مع بروكسل. وجاء التحذير على لسان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي أكّد أن بلاده مستعدة لقطع علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي في حال فرضه عقوبات جديدة، "تشكّل خطراً على قطاعات حساسة من اقتصاد البلاد"، مضيفاً إن موسكو "لا تريد الانعزال عن الحياة الدولية، إلّا أنها مستعدة لفعل ذلك".تصريح الوزير الروسي، قابله آخر أقلّ حدّة على لسان الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، الذي رأى أنه يجب على بلاده أن تكون جاهزة لمواجهة تحركات "غير ودية" من جانب التكتُّل، وأن تبقى، في الوقت نفسه، "حريصةً على تطوير العلاقات مع الأوروبيين". وتوضيحاً لكلام لافروف، قال الناطق إن "وسائل الإعلام تقدّم عنواناً مثيراً خارج السياق... هذا خطأ كبير من الإعلام، وهذا خطأ يغيّر المعنى"، مضيفاً إن "النقطة بالتحديد هي أننا لا نريد قطع العلاقات مع بروكسل، بل نسعى إلى تطويرها... لكن إذا سلك الاتحاد مسار فرض عقوبات تشكِّل خطراً على الاقتصاد الروسي، فإذاً نعم، سنكون مستعدّين لذلك، لأنه يجب أن نستعد للأسوأ". وعلى رغم التوضيح، إلّا أن برلين، اعتبرت أن تصريحات لافروف "غير مفهومة ومثيرة للقلق". ولم يستبعد وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، "فرض عقوبات جديدة على موسكو"، لكنه شدّد، في الوقت نفسه، على "أهمية الحوار" مع هذه الأخيرة. ووسط الإجماع الأوروبي الظاهر حول وجوب التحرّك ضدّ الروس، أكّد الناطق باسم الاتحاد الأوروبي، بيتر سنانو، أن "العمل جارٍ لاحتمال فرض عقوبات على روسيا"، مشيراً إلى أن هذا الموضوع سيكون على جدول أعمال اجتماع وزراء الخارجية، الذي سيُعقد في الـ 22 من الشهر الجاري. ويأتي كلام سنانو غداة تأكيد ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين أن من المرجح أن يفرض الاتحاد "حظر سفر وتجميد أصول على حلفاء للرئيس الروسي فلاديمير بوتين".
وصفت برلين تصريحات لافروف بأنها "غير مفهومة ومثيرة للقلق"


بالتوازي مع التطورات الأخيرة، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة في الذكرى الثانية لاتفاق "مينسك 2"، اتهم الغرب خلالها روسيا بـ"عرقلة التوصل إلى حلّ للصراع المستمر منذ سنوات في شرق أوكرانيا بين حكومة كييف والانفصاليين المدعومين روسياً". وفي بيان مشترك صدر أول من أمس، ندّدت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيرلندا والنروج وإستونيا، بالإضافة إلى ألمانيا ــــ راعية اتفاقات مينسك ــــ باستمرار موسكو في زعزعة الاستقرار في بعض المناطق شرق أوكرانيا، مضيفة إنه "من خلال استخدام القوّة ضدّ وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها، فإن روسيا تنتهك بوضوح المبادئ الأساسية للقانون الدولي". كذلك، دعا البيان الحكومة الروسية إلى "التوقّف فوراً عن تأجيج النزاع عبر تقديم دعم مالي وعسكري للتشكيلات المسلحة التي تدعمها في كييف"، معبّراً عن "القلق إزاء وجود قوات وأسلحة روسية في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة الأوكرانية". من جانبه، طالب ممثل الولايات المتحدة، رودني هانتر، روسيا بأن توقف فوراً ما وصفه بـ"عدوانها في شرق أوكرانيا"، وأن تنهي "احتلالها" لشبه جزيرة القرم. كما طالب موسكو بسحب قواتها من أوكرانيا، والتوقف عن دعم "وكلائها وجماعات مسلحة أخرى"، وتنفيذ كل الالتزامات التي تعهّدت بها بموجب "اتفاقات مينسك" 2014 و2015.