تُراوح الأزمة الانتخابية الأميركية مكانها، في ظلّ إصرار الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب، على اتّباع المسار القضائي، واعتبار نفسه الفائز بالانتخابات الرئاسية. إصرارٌ قابله إذعانٌ ديموقراطي للمقاربة التي قرّرها ترامب، تَمثَّل في دعوة نائبة الرئيس المنتخبة، كامالا هاريس، إلى تقديم تبرّعات لخوض معركة قضائية، في ما يؤشّر إلى استمرار مرحلة من الجمود الانتقالي.وفي تغريدة على موقع "تويتر"، قال ترامب إن الانتخابات الرئاسية الأخيرة كانت الأكثر احتيالاً في التاريخ، مؤكّداً أنه سيرفع قريباً دعاوى قضائية "كبيرة" تطعن في نتائجها، على الرغم من خسارة حملته معارك قضائية عديدة في شأن تلك النتائج. جاء ذلك في وقت أفادت فيه حملة الرئيس المنتخَب، جو بايدن، بأن إعادة فرز الأصوات في ولاية جورجيا أظهرت عدم وجود أيّ مخالفات انتخابية. وقال مسؤولون عن الانتخابات في الحزبين الديموقراطي والجمهوري إنه لا يوجد دليل على وقوع مخالفات كبيرة في الانتخابات الرئاسية. كذلك، ذكرت وسائل إعلام أميركية أن حملة ترامب ألغت جزءاً كبيراً من الدعاوى القضائية التي رفعتها للطعن في نتائج الانتخابات في ولاية بنسلفانيا. إلّا أن تيم مورتاف، مدير الاتصالات في حملة ترامب، نفى ذلك. وقال إن الدعاوى القضائية في الولاية مستمرّة في شأن أكثر من 682 ألف بطاقة اقتراع بالبريد، وأصوات لغائبين تمّ فرزها بشكل سرّي. وقدّم محامو ترامب نسخة منقّحة من الدعوى، بعدما حذفوا مزاعم عن أن مسؤولي الانتخابات في الولاية انتهكوا الحقوق الدستورية لحملة الرئيس، عبر الحدّ من قدرة مراقبيها على مراقبة فرز الأصوات.
وباتت دعوى ترامب المختصرة تُركّز، الآن، على مزاعم بأن الجمهوريين تضرّروا بشكل غير قانوني، بسبب سماح بعض المقاطعات التي تميل إلى الحزب الديموقراطي للناخبين بإصلاح الأخطاء في بطاقات التصويت. وكان ترامب قد قال، في وقت سابق في تغريدة على موقع "تويتر"، إن كثيراً من القضايا المرفوعة في شأن الانتخابات الرئاسية في جميع أنحاء البلاد "رفعها أشخاص كانوا شاهدين على انتهاكات مروّعة"، وأضاف إنه سيتمّ قريباً رفع ما وصفها بالقضايا الكبرى، التي "تظهر عدم دستورية الانتخابات، وما حدث من فضائح لتغيير النتيجة".
اتّهمت هاريس ترامب والجمهوريّين بالسعي إلى طمس «النصر الانتخابي الجليّ»


وفي حين يصرّ ترامب على فوزه بالانتخابات الرئاسية، ويقول إن الحزب الديموقراطي زوّر أصوات الناخبين، اتهمت نائبة الرئيس المنتخب، كلّاً من ترامب والجمهوريين، بالسعي إلى طمس ما سمّته "النصر الانتخابي الجليّ" للديموقراطيين بدعاوى قضائية لا أساس لها، ودعت إلى التبرّع للحزب الديموقراطي لتمويل تحرّكه القانوني لحماية كلّ صوت انتخابي، وفق تعبيرها. من جهته، أعلن الفريق الانتقالي لبايدن أنه لم يُسمح له بالعمل مع فريق الإدارة الحالية في شأن جهود مكافحة جائحة فيروس "كورونا". وحثّ رون كلَين، كبير موظفي البيت الأبيض المعيّن في إدارة بايدن الجديدة، إدارةَ الخدمات العامّة على الإسراع في التصديق على نتائج الانتخابات. وقال إن من المهم أن يبدأ فريق بايدن لقاءاته مع المسؤولين في وزارة الصحة لبحث ما وصفها بالمرحلة الأصعب، والمتمثلة في كيفية توزيع لقاح "كورونا" على الشعب الأميركي.
لكنّ الاختراق الوحيد في هذا المجال جاء على لسان روبرت أوبراين، مستشار ترامب للأمن القومي، والذي تعهّد بأنه سيضمن انتقال السلطة بطريقة احترافية للفريق الذي يقوده بايدن، إذا تمّ اعتبار الأخير الفائز بالانتخابات الرئاسية. وقال أوبراين، أمام "منتدى الأمن العالمي"، إنه يأمل فوز ترامب بفترة ثانية لمدّة أربع سنوات، لكنه سيعمل مع أيّ إدارة جديدة برئاسة بايدن ونائبته. وأضاف: "إذا كانت هناك إدارة جديدة، فإنهم يستحقّون بعض الوقت للمجيء وتنفيذ سياساتهم"، متابعاً أنه "إذا تأكد فوز بايدن ــــ هاريس، ومن الواضح أنّ الأمور تبدو على هذا النحو الآن، فسيكون لدينا انتقال احترافي جداً من جانب مجلس الأمن القومي، لا ريب في ذلك". ورأى مستشار الأمن القومي أن"الشيء العظيم هو أن هذه هي الولايات المتحدة الأميركية. نتبادل الأدوار وكانت لدينا انتقالات سلمية وناجحة (للسلطة) حتى في أكثر الفترات الخلافية".

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا