على رغم الأزمات العالمية التي أحدثها الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، لا يبدو أن خروج دونالد ترامب من البيت الأبيض، وإعلان فوز جو بايدن بمنصب الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة، كانا خبراً سعيداً لدى عواصم كثيرة، مع أن أطرافاً عدّة مِن الذين صَعّدت معهم إدارة ترامب «مدّوا يد التعاون» إلى بايدن وفريقه مبكراً. لكن ذلك لا ينطبق بالضرورة على كلّ من الصين وروسيا، حيث يسود جوّ من «التشاؤم» يستند إلى تقديرات أولية لما يمكن أن يَتغيّر في السلوك الأميركي الذي تقف وراءه «الدولة العميقة» ووكالات الأمن، باستثناء حدس أوّلي لدى موسكو بأنها ستتحوّل إلى العدو الأول بدلاً من بكين.ومع غياب ردود رسمية على المستوى الأول في الصين وروسيا، نقلت وكالة «إنترفاكس» عن مدير «مركز المصالح العالمية» في واشنطن، نيكولاي زلوبين، أن «بايدن سينقل روسيا إلى المركز الأول في قائمة الأعداء الأميركية، ولذلك أعتقد أنه يمكن للصينيين أن يتنفّسوا الصعداء»، مرجّحاً ألا يكون هناك «مثل هذا الضغط الجنوني على الصين الذي مارسه ترامب... روسيا ستتحوّل مرّة أخرى إلى العدو الأول في الوثائق والسياسات الأميركية، وهو ما يتوافق مع توجّهات بايدن السياسية طوال العقود الأخيرة». في المقابل، ومع أن ترامب حذّر خلال حملته من أن فوز غريمه الديمقراطي سيكون فوزاً للصين، وأن الأخيرة «ستمتلك أميركا»، لم يظهر إلى الآن ما يشير إلى أن الصينيين يرون في بايدن بديلاً سهلاً من ترامب، خاصة أن بداية عهد المواجهة الحامية بين القوتين كانت في عهد باراك أوباما، والفائز اليوم هو نائبه لثماني سنوات. وإن لم يوضح الأخير استراتيجية مفصّلة للصين، تدلّ كلّ المؤشرات على أنه سيواصل النهج المتشدّد تجاهها، خاصة أنه ذهب في بعض الأحيان إلى مدى أبعد من ترامب في مهاجمة بكين، واصفاً الرئيس الصيني، شي جين بينغ، بأنه «مجرم».
روحاني: فوز الديمقراطي «فرصة» لواشنطن للتعويض عن «أخطاء» ترامب


بالانتقال إلى غرب آسيا، سُجّل تباين طفيف في الموقف الإيراني من فوز بايدن، إذ سارع المرشد الإيراني، السيد علي خامنئي، إلى وصف الانتخابات الأميركية ونتيجتها بأنها «مسرحية»، قائلاً في تغريدة بالإنكليزية عبر «تويتر» إن «الوضع في الولايات المتحدة وما يقولونه أنفسهم عن انتخاباتهم مجرّد مسرحية! هذا مثال على الوجه القبيح للديمقراطية الليبرالية في الولايات المتحدة». أما الرئيس الإيراني، حسن روحاني، فرأى، أمس، أن فوز الديمقراطي «فرصة» لواشنطن للتعويض عن «أخطاء» ترامب، فيما اتخذ وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، موقفاً وسطاً بقوله على «تويتر» أيضاً: «العالم يراقب الآن هل سيتخلّى القادة الجدد عن الأسلوب المدمّر وغير القانوني والبلطجي للنظام الراحل... أم لا».
بالنسبة إلى أوروبا، جاء الترحيب من غالبية المسؤولين على قاعدة تأكيد قوة العلاقة، مع تلميح واضح إلى ضرورة العمل على تحسين الوضع وأيضاً «مواجهة التحدّيات الكبرى»، فيما عبّر رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، أمس عن ثقته في «إنجاز الكثير من الأهداف مع... بايدن في مجالات عدة، من التجارة إلى تغير المناخ». وفي أميركا الجنوبية، قال الرئيس الكوبي، ميجيل دياز كانل، في تغريدة أمس، إن حكومته ترى أن «شعب الولايات المتحدة اختار اتجاهاً جديداً»، مضيفاً: «نعتقد أن هناك إمكانية لتأسيس علاقات ثنائية بنّاءة تحترم اختلاف الآخر» من دون ذكر اسم بايدن. أما الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، فأكد أنه مستعدّ دائماً للحوار مع واشنطن، مُهنّئاً «الرئيس المنتخب جو بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس على فوزهما». كذلك، رأى الرئيس البرازيلي الأسبق، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، أن العالم «يتنفّس الصعداء» بعد فوز بايدن.
إلى ذلك، جاء رد الفعل الأولي لتركيا فاتراً، إذ قال نائب الرئيس، فؤاد أوقطاي، أمس، إن فوز بايدن «لن يُحدث تغييراً في العلاقات بين الحليفتين القديمتين، وإن كانت أنقرة ستواصل الضغط على واشنطن في ما يتعلّق بالوضع في سوريا وقضايا أخرى محلّ خلاف»، خصوصاً أن من المتوقع أن يَتشدّد الموقف الأميركي إزاء التدخلات العسكرية الخارجية لإدارة رجب طيب إردوغان، والتي كانت قوبلت بتساهل من قِبَل الإدارة السابقة، وهو ما أشار إليه أوقطاي بقوله: «بينما ساعدت الصداقة بين إردوغان وترامب في التعامل مع عدد من القضايا، فإن قنوات التواصل ستظلّ تعمل كما كانت».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا