في الأشهر الأخيرة من عام 2019، أطلقت سلسلة أحداث غير متوقّعة العنان لعاصفة في بوليفيا، سيفرّ إيفو موراليس على إثرها، لتتسلّم حكومة مؤقّتة السلطة في لاباز. تلك هي الخلاصة التي توصّل إليها ممثّل بوليفيا الدائم لدى «منظمة الدول الأميركية»، جايمي أباريسيو أوتيرو، في مقالة نُشرت في مجلة «فورين بوليسي» الأميركية قبل أيام. يرى هذا الأخير أن المخاطر كبيرة، ولا سيّما أن الانتخابات التي أجريت، أول من أمس، وفاز فيها مرشّح اليسار، لويس آرسي، «لن تحدّد المستقبل الديموقراطي لبوليفيا فحسب، ولكن مصير الحركات اليسارية في أميركا الجنوبية وخارجها».وفق روايته للمشهد البوليفي، وصلت الاضطرابات السياسية إلى ذروتها العام الماضي عندما واجه موراليس اتهامات بالتزوير بعد إعلان فوزه في انتخابات رئاسية ترافقت مع احتجاجات واسعة النطاق، دفعت الحكومة البوليفية إلى الاستعانة بـ»منظّمة الدول الأميركية» لتُجري تدقيقاً في نتائج الانتخابات. في العاشر من تشرين الثاني/ نوفمبر (تاريخ الانقلاب)، وهو اليوم نفسه الذي صدر فيه تقرير المنظمة (أشار إلى وجود مخالفات وتلاعب)، «استقال موراليس». و»على رغم أن الرئيس السابق وغيره من السياسيين اليساريين في جميع أنحاء العالم، وصفوا سقوطة - ودور منظمة الدول الأميركية فيه - باعتباره انقلاباً، بدا واضحاً أن نهايته كانت من صنع يده»، وفق أباريسيو أوتيرو.
ستحدّد انتخابات بوليفيا مصير الحركات اليسارية في أميركا الجنوبية وخارجها


منذ ذلك الحين، واجهت بوليفيا موجة اضطرابات اجتماعية وسياسية في ظلّ الحكومة المؤقتة بقيادة جانين آنيز التي قرّرت في كانون الثاني/ يناير الماضي، الإعلان عن ترشّحها للرئاسة، بعدما استبعدت نفسها في البداية وتعهّدت بتوجيه البلاد نحو انتخابات «شفافة». أضيف إلى ما سبق، قرار الحكومة الانتقالية تأجيل الانتخابات العامة مرتين بحجّة الوباء. وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، انسحبت آنيز مِن الانتخابات، في محاولة لتعزيز حملة المرشّحين الآخرين ضدّ حزب موراليس، «الحركة نحو الاشتراكية». تنبّأ كاتب المقالة بأن نتيجة التصويت أياً كانت، من شأنها أن تؤدّي إلى قتال بين «اليسار الشعبوي في البلاد والليبراليين، سيتردّد صداه في جميع أنحاء المنطقة». كذلك يرى أن «مستقبل الحزب لم يعد واضحاً منذ فرار موراليس» من البلاد في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 - أولاً إلى المكسيك، ثم إلى الأرجنتين، حيث يعيش راهناً. ويذكر في هذا السياق، أن الرئيس السابق تعرّض لمزيد من الضربات التي رأى الكاتب أنها «شوّهت سمعته»، عندما اتُّهم بالاغتصاب في آب/ أغسطس (ندّد مكتبه بالشكوى الجنائية التي قدّمتها وزارة العدل في بوليفيا)، وعندما منع متظاهرون مؤيدون للحزب الإمدادات الطبية والأوكسجين من الوصول إلى المستشفيات في ظلّ انتشار الوباء، وهو ما أدى إلى 40 حالة وفاة، وفقاً لرواية الحكومة البوليفية. وعلى رغم أن الكاتب وضع فوز مرشّح اليسار في حساباته، «فمن غير الواضح إذا ما كان سيتمكّن من إعادة الحزب إلى السلطة وإعادة البلاد إلى الاشتراكية». ولكنّه يفضّل المسار الآخر، أو كما يسمّيه «الحكم الليبرالي في ظلّ كارلوس ميسا، الذي تشمل أهدافه الرئيسة استعادة المؤسسات الديموقراطية وضمان ضوابط السلطة وتوازناتها».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا