تراجعت الآمال في أن يُنهي اتفاق وقف إطلاق النار، القتال على إقليم ناغورنو قره باغ، المُتنازَع عليه بين أرمينيا وأذربيجان، مع تزايد أعداد الضحايا وتبادل الاتهامات بين الجارتَين على خلفية تجدُّد الهجمات. في هذا الوقت، قالت يريفان إن أنقرة منعت رحلات جوية تنقل مساعدات عاجلة، من التحليق في مجالها الجوّي، بينما حذّر الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، من «إراقة مزيد من الدماء»، جرّاء القتال على الجيب الجبلي، مطالباً أرمينيا بأن توقف مساعيها إلى استعادة «الأراضي المحرّرة»، ومهدّداً بأن بلاده ستستولي على كلّ مناطق الإقليم في ما لو تصرّفت جارتها «بشكل سلبي». تهديداتٌ جاءت غداة إعلان وزارة الدفاع الأذربيجانية أنّها قصفت موقعَين أُطلقت منهما صواريخ في أرمينيا، في سابقة تثير مخاوف من تصعيد جولة المعارك هذه. في هذا الإطار، أكّدت الناطقة باسم الجيش الأرمني تعرّض أراضي بلادها للقصف، لكنّها نفت وجود أيّ نية لاستهداف مناطق مدنيّة في أذربيجان. وعلى رغم دعوات موسكو المتكرّرة، كما الغربيين، بقي وقف إطلاق النار الذي تفاوضت روسيا للتوصّل إليه، حبراً على ورق لليوم السادس على التوالي.
دعا بوتين وإردوغان إلى «جهود مشتركة» لوضع حدّ للمعارك حول قره باغ

بمعنى آخر، لم يكن لوقف إطلاق النار، الذي يهدف في أحد جوانبه إلى السماح للطرفَين بتبادل الأسرى وجثامين قتلى الاشتباكات، تأثيرٌ يُذكر في العمليات العسكرية حول ناغورنو قره باغ. وفيما تُعدُّ دورة القتال هذه الأعنف، منذ الحرب التي اندلعت خلال تسعينيات القرن الماضي، أفادت وزارة الدفاع في إقليم ناغورنو قره باغ، أمس، بأنّ عدد القتلى العسكريين في الجيب، ارتفع إلى 604. في هذه الأثناء، حذّرت منظمات دولية، منها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من أنّ الصراع، الذي يتزامن مع انتشار وباء «كورونا»، ربّما يجعل عشرات الآلاف في حاجة إلى مساعدات في الأشهر المقبلة. وقال المفوّض الأعلى لشؤون الشتات في أرمينيا، زاره سنانيان، إنّ توصيل 100 طن من المساعدات الأميركية تعطّل، بعدما منعت تركيا الطائرة المتّجهة إلى بلاده حاملةً المساعدات من استخدام مجالها الجوي. كذلك، صرّح رئيس اللجنة تاتيفيك ريفازيان، بأنّ لجنة الطيران المدني الأرمنية، تلقّت، أول من أمس، إخطاراً بأنّ رحلة الخطوط الجوية القطرية القادمة من لوس أنجليس أُلغيت، من دون ذكر أسباب. وأضاف: «لدينا ما يدعونا للقول إنّ تركيا أغلقت مجالها الجوي عن عمد»، مردِفاً أنّ أرمينيا تبحث عن مسار بديل يمرّ فوق روسيا أو جورجيا.
جاءت هذه التطوّرات بعدما دعا الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره التركي، رجب طيب إردوغان، أول من أمس، إلى «جهود مشتركة» لوضع حدّ للمعارك. بحسب الكرملين، اتّفق الرئيسان، في اتصال هاتفي، على «الحاجة العاجلة إلى جهود مشتركة لوضع حدّ بأسرع وقت لإراقة الدماء وضمان الانتقال إلى حلّ سلمي» للنزاع. ووفق الموقع الإلكتروني للرئاسة الروسية، الذي أشار إلى أنّ هذا الاتصال هو الأوّل بين بوتين وإردوغان، منذ تجدّد القتال في ناغورنو قره باغ، «أكد الطرفان ضرورة احترام الهدنة الإنسانية». وأضاف أنّ بوتين «عبّر أيضاً عن أمله في أن تقدّم تركيا مساهمة بنّاءة لخفض التصعيد، باعتبارها عضواً في مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا». من جهتها، أفادت الرئاسة التركية بأنّ إردوغان أكد لنظيره الروسي أنّ «تركيا تدعم حلاً دائماً في ناغورنو قره باغ»، متّهماً أرمينيا بـ«جعل احتلالها دائماً» للمنطقة الانفصالية.
(رويترز، أ ف ب)

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا