في تقرير نشرته "هيئة الإذاعة البريطانية" (BBC) على موقعها، يقول البروفسور تيم سبكتر، من كينج كوليدج لندن، في الواقع ليس هناك إجابات محدّدة حول كيفية بقاء هذه الأعراض، لكنه يعتقد أنه بعد زوال الفيروس من جسم المريض يبقى شيء منه في بعض الجيوب الصغيرة. وعلى سبيل المثال، يشرح سبكتر: «إذا كان هناك إسهال طويل الأمد، فستجد الفيروس في القناة الهضمية، وإذا كان هناك فقدان للرائحة يكون في الأعصاب، لذلك قد يكون هذا هو سبب المشكلة». أحد الطروحات هو أن جهاز المناعة لا يعود إلى طبيعته بعد "كوفيد - 19"، الأمر الذي يسبّب اعتلال الصحة. يمكن لفيروس كورونا أن يصيب بشكل مباشر مجموعة واسعة من الخلايا في الجسم، ويؤدي إلى استجابة مناعية مفرطة النشاط (يرمز إليها بالعصف المناعي)، تُسبّب أيضاً أضراراً في جميع أنحاء الجسم.
فحص بنتيجة سلبية لا يعني بالضرورة تماثل المريض للشفاء
هنا، يجدر التنبّه إلى أن فيروس كورونا الجديد اسمه العلمي "سارس - كوف - 2"، فيما المرض الذي يتسبّب به اسمه "كوفيد - 19"، ما يعني أن البشرية أمام فيروس، أخواه هما "السارس" و"متلازمة الشرق الأوسط التنفسية MERS". وفي دراسة علمية نُشرت في مجلة «medicaljournals» عن الآثار الصحية الطويلة الأمد لفيروسَي "SARS" و"MERS"، لوحظت مشاكل طويلة الأمد بعد الإصابة بهما، كما تَبيّن أنه يمكن للعدوى أن تغيّر طريقة عمل أعضاء الناس، وقد كان هذا الأمر أكثر وضوحاً في الرئة بعد تعرّض خلاياها للندوب من جرّاء المرض. وفي دراسة بحثية أخرى نُشرت عام 2017 في مجلة «نيتشر» عن آثار فيروس السارس، تَبيّن أن الأخير أدى إلى تغييرات في طريقة معالجة الجسم للدهون لمدّة 12 عاماً على الأقل. وفي هذا الشأن، يشير تقرير "BBC" إلى أن "كوفيد - 19" غَيّر عملية الأيض «metabolism» لدى الأشخاص؛ إذ كانت هناك حالات لأفراد يكافحون للسيطرة على مستويات السكر في الدم لديهم بعد الإصابة بمرض السكري، نتيجة إصابتهم بـ"سارس - كوف - 2". أمّا الطامة الكبرى، بحسب دراسة أجريت في دبلن إيرلندا على 128 مريضاً، فهي أنه لا فرق إن كان المرض بـ"كوفيد - 19" متوسّطاً أو شديداً كي يعاني بعض الأفراد من العوارض الطويلة الأمد. وأفادت الورقة البحثية بأن نصف الأشخاص الذين شملتهم الدراسة لا يزالون يعانون من التعب بعد 10 أسابيع من الإصابة بالفيروس، فيما ثلثهم لم يتمكّنوا جسدياً من العودة إلى مزاولة العمل.
بالنتيجة، البشرية أمام فيروس جديد من عائلة "كورونا"، مهما تعدّدت الأبحاث والدراسات حالياً في شأنه ستبقى في خانة القصيرة الأمد. وسيحتاج الأمر الى سنوات عديدة كي يفهم الباحثون آثار هذا الفيروس على صحّة الناس الطويلة الأمد. وعلى رغم الإعلانات المتعدّدة عن لقاحات أبدت فعالية، إلا أن المرحلة الثالثة من التجارب عليها لم تنتهِ بعد، فضلاً عن صعوبة تأمين ما يقارب 8 مليارات لقاح لجميع البشر، علماً بأن معظم تلك اللقاحات تعتمد على جرعتين، ما يعني صنع 16 مليار جرعة للكوكب بأسره، وهذا سيأخذ وقتاً. يبقى حالياً استخدام الكِمامة والمواظبة على غسل اليدين لمدة عشرين ثانية على الأقلّ، بالإضافة الى الابتعاد عن التجمّعات، هو أكثر فعلٍ منطقي كي يحمي الفرد نفسه، وخصوصاً ، كما بات واضحاً، أن الشفاء من "كورونا" لا يعني زوال العوارض في كثير من الأحيان.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا