يتأخّر الرئيس كثيراً عن موقعه لدى التركيبة السكّانية التي أرسلته إلى البيت الأبيض، في عام 2016. يحقّق دونالد ترامب نجاحات متواضعة مع اللاتينيين. تشير استطلاعات الرأي إلى أنه يجذب دعماً من قِبَل السود، أكثر قليلاً ممّا كان عليه في عام 2016.ولكن الرئيس يتحرّك ضمن الهوامش بالنسبة إلى تلك المجموعات. مشكلته الأكبر هي التركيبة السكّانية التي أرسلته إلى البيت الأبيض، الناخبون البيض، الذين يبدو أن احتضانهم لترامب ينزلق في الولايات المتأرجحة والحرجة، ذات الغالبية البيضاء. في مينيسوتا، حيث بدا أن المنافسة بين ترامب وجو بايدن قد اشتدّت في الأسابيع الأخيرة (...) أظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة «سي بي إس نيوز»، بالتعاون مع «يوغوف»، الأسبوع الماضي، أن ترامب يتأخّر بنقطتين مئويتين خلف بايدن، بين الناخبين البيض، وذلك بعدما فاز بفارق سبع نقاط بين هؤلاء، في عام 2016. حتى بين الناخبين البيض الذين ليست لديهم شهادات جامعية - قاعدة ترامب -، كان الرئيس بعيداً عن الهامش الذي ملَكَه ضدّ هيلاري كلينتون.
الأمر ذاته في ويسكنسون، حيث فاز ترامب بأصوات النساء البيض غير الحاصلات على درجات جامعية، متقدّماً بـ 16 نقطة قبل أربع سنوات، لكنه اليوم يخسر بتسع نقاط، وفقاً لاستطلاع على شبكة «إي بي سي» بالتعاون مع صحيفة «ذي واشنطن بوست». في بنسلفانيا، يبدو بايدن متساوياً مع ترامب بين الناخبين البيض، وفقاً لاستطلاع لشبكة «إن بي سي». في عام 2016، أدلى الناخبون البيض بأكثر من 80 في المئة من الأصوات في الولايات الثلاث، وفقاً لاستطلاعات الرأي. «إنه تحوّل كبير، كبير»، قال لي ميرينغوف، مدير «معهد ماريست للرأي العام». «ما يفعله (بايدن) بين الناخبين البيض هو أكثر مِن تعويضٍ للانزلاق بين الناخبين غير البيض... الوصفة مختلفة هذه المرة، الآن على أيّ حال، في ما يتعلّق بالناخبين البيض».
من المحتمل أن يساعد التركيز على استبدال قاضية المحكمة العليا، روث بادر غينسبيرغ، في تذكير الناخبين الذين ابتعدوا عن ترامب، بما اهتمّوا به في عام 2016. قبل أربع سنوات، قال واحد من كلّ خمسة ناخبين - كثير منهم من البيض والمحافظين - إن التعيينات في المحكمة العليا كانت العامل الأكثر أهمية في تصويتهم.
ولكن ترامب يعمل انطلاقاً من وضع غير مؤاتٍ هذه السنة. لم يتبقَّ سوى عدد قليل نسبياً من الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم. كما أن الديموقراطيين نشيطون للغاية بشأن المحكمة العليا. والتصديق على بريت كافانوغ في المحكمة العليا، قبل شهر واحد من انتخابات التجديد النصفي، قبل عامين، لم يفعل شيئاً لمنع الديموقراطيين من الضغط على ترامب والحزب الجمهوري.
لم يكن تآكل الدعم الأبيض لترامب - وأهميته بالنسبة إلى نتيجة تشرين الثاني/ نوفمبر - أكثر وضوحاً ممّا ظهر في رسائل ترامب في الأيام الأخيرة. الأسبوع الماضي، دعا إلى إنشاء لجنة لتعزيز «التربية الوطنية»، بينما رفض «نظرية العرق الحاسم» (...). يوم الجمعة، نشر إعلاناً تلفزيونياً في مينيسوتا وميتشيغان، ينتقد بايدن لدعمه زيادة قبول اللاجئين، بما في ذلك من «أكثر أجزاء العالم انعداماً للاستقرار، والضعيفة، والخطيرة». بعدها، سخر ترامب من النائبة الديموقراطية، إلهان عمر - أول أميركية من أصول صومالية في الكونغرس، ومهاجرة سابقة -، وذلك أمام حشد غالبيته من البيض في بيميندجي في ولاية مينيسوتا، وقال إن بايدن قد «يُحوّل مينيسوتا إلى مخيّم للنازحين». كما أشاد بأهالي مينيسوتا بسبب «جيناتهم الجيدة».
لكن يبدو أن خطاب ترامب لا يملك الصدى الذي كان عليه عام 2016، لدى أميركا البيضاء. في ذلك العام، أدلى البيض بما يقرب من ثلاثة أرباع الأصوات على المستوى الوطني، وفاز ترامب بأصوات هؤلاء الناخبين، بفارق نحو 15 نقطة مئوية، وفقاً لمركز «بيو» للأبحاث. بعد أربع سنوات، ضعضع بايدن هذه الميّزة، وإن كان من غير المؤكّد إلى أيّ درجة (...).
ترامب يقوم بعمل جيّد بين الناخبين البيض في بعض الولايات أكثر من غيرها (...). في ولاية كارولينا الشمالية، يجتذب الناخبين البيض غير المتعلّمين في الجامعات، على المستوى ذاته الذي كان عليه عام 2016. ولكن في ولايات أخرى، بما في ذلك بعض الولايات التي تضمّ أعداداً كبيرة من الملوّنين، يبدو أداؤه ضعيفاً بين البيض (...).
لم يكن من الواضح دائماً أن ترامب ستكون لديه أيّ مشكلة مع الناخبين البيض، أو أنه سيحقّق مكاسب بين الأشخاص الملوّنين. حتى في انتخابات التجديد النصفي، عندما ابتعد سكّان الضواحي عن ترامب واستعاد الديموقراطيون مجلس النواب، حصل الجمهوريون على أصوات البيض على الصعيد الوطني بنحو 10 نقاط مئوية. ولكن الناخبين البيض لم يثبتوا أنهم محصّنون ضدّ الأضرار التي لحقت بترامب من جرّاء فيروس «كورونا»، والدمار الاقتصادي الناتج منه، والذي شكّل عبئاً على حملة إعادة انتخابه منذ الربيع. بنحو خاص، يبدو أن الوباء قد أضرّ بترامب بين كبار السنّ، بمن فيهم الناخبون البيض الأكبر سنّاً، القلقون بشأن حسابات التقاعد الخاصّة بهم، وبشأن صحّتهم (...).
(ديفيد سايدرز - بوليتيكو)

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا