ماذا سيحصل إذا مرّت المهلة التي وضعها رئيس الحكومة البريطانية، بوريس جونسون، من دون التوصّل إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي؟ وما الذي يريده التكتّل من المملكة المتحدة؟ باختصار، يريد الأوروبيون من بريطانيا أن توافق على اتّباع قواعدهم الخاصّة المرتبطة بالمنافسة العادلة والمفتوحة، حتى لا تتمكّن الشركات البريطانية التي تُمنح وصولاً خالياً من الرسوم الجمركية إلى سوق الاتحاد الأوروبي، من إضعاف منافِستها الأوروبية. ويحذّر الاتحاد، المملكة المتحدة، من أنه لن يُسمح لها بسوق «عالي الجودة» ما لم تلتزم بالمعايير الاجتماعية والبيئية للتكتّل. كما يريد أن تتمتّع محكمة العدل الأوروبية بسلطات قانونية، لمراقبة أيّ اتفاقية تجارة حرّة يتمّ التوصل إليها بينه وبين بريطانيا، التي ترفض هذا الأمر. وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق، فمن المفترض أن تلتزم المملكة المتحدة بشروط "منظمة التجارة الدولية"، بدءاً من الأول من كانون الثاني/ يناير 2021. كما سيتعيّن عليها تطبيق التعريفات على البضائع القادمة إلى البلاد من الاتحاد الأوروبي، ما يعني أن ضرائب كبيرة ستطالها حتى تتمكن من بيع منتجاتها في سوق الاتحاد الأوروبي، وفقاً لما أشارت إليه مجلّة «ذي إيكونوميست». مثلاً، ستتعرّض شركات صناعة السيارات البريطانية لرسوم جمركية بنسبة 10٪ على الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي، والتي ستصل إلى 5.7 مليارات يورو سنوياً. وسيؤدي ذلك إلى زيادة متوسّط سعر السيارة البريطانية المبيعة في الاتحاد، بمقدار 3000 يورو.
حوالى نصف الصادرات البريطانية (46%) تذهب إلى الاتحاد الأوروبي


الأمر لا ينتهي عند هذا الحدّ، إذ سيبدأ الاتحاد الأوروبي بفرض عمليات تحقّق على الحدود على المنتجات البريطانية، اعتباراً من 1 كانون الثاني/ يناير 2021. وهو أمر اعترفت الحكومة البريطانية بأنّ من المتوقّع أن يؤدّي إلى طوابير ضخمة على الحدود، وتأخيرات مستمرّة لمدّة ستة أشهر أو أكثر. وبما أن باريس أعلنت أنّها تخطّط للتنفيذ الفوري للضوابط الحدودية في موانئها، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، فقد قدّرت لندن أن 50٪ إلى 85٪ من سائقي الشاحنات، لن تكون لديهم الوثائق اللازمة لدخول الاتحاد عبر فرنسا، بحسب صحيفة «واشنطن بوست». والجدير ذكره، هنا، أن حوالى نصف الصادرات البريطانية (46%) تذهب إلى الاتحاد الأوروبي، ما يجعل منه أكبر سوق لها، بينما تأتي أكثر من نصف واردات المملكة المتحدة (53%) من التكتل. فضلاً عمّا تقدّم، تلفت «ذي إيكونوميست» إلى أن مكانة لندن كمركز مالي عالمي قد تتهدّد، علماً بأن الاقتصاد البريطاني يعتمد بشكل كبير على صناعة الخدمات، التي تشكّل حوالى 79% منه، بينما تصل إلى حوالى 45% من الصادرات.
في المقابل، يعتبر عدد قليل من الاقتصاديين الداعمين لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أن غالبية التجارة حول العالم تجري وفق شروط "منظمة التجارة العالمية"، وأن المملكة المتحدة ستظلّ تملك القدرة على الدخول إلى أسواق الاتحاد. ولكن اقتصاديين وأكاديميين آخرين يقولون إن التداول التجاري وفقاً لشروط المنظمة من شأنه أن يضرّ بالاقتصاد البريطاني. ومن هذا المنطلق، حذّر المدير العام لـ"التجارة العالمية"، روبيرتو أزيفيدو، من أن المعايير والشروط «قد تبطئ انتعاش بريطانيا من الأزمة التي خلّفها تفشّي فيروس كورونا»، معتبراً أنّ «الحفاظ على التدابير الحالية قد يكون أفضل»، وفقاً لما نقلته صحيفة «ذي تايمز» عنه. وأوضح أزيفيدو أنه بينما لا تعدّ شروط المنظمة «كارثية»، إلا أنها «ستفرض عدداً من التعديلات التي قد تكون مؤلمة، خصوصاً في ما يتعلّق ببعض القطاعات».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا