توازياً مع الانطلاقة المتعثّرة لمفاوضات السلام الأفغانية في العاصمة القطرية، يُنتظر أن يعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في الأيام القليلة المقبلة، عن خفضٍ إضافي لعديد قوّات بلاده في أفغانستان (من 8,600 حالياً، إلى ما بين 4,000 و5000، وفق ما أكد «البنتاغون» الشهر الماضي)، على أن تغادر جميع القوّات الأجنبية هذا البلد بحلول ربيع عام 2021، استناداً إلى خريطة طريق رَسَم «اتفاق الدوحة» بين واشنطن و»طالبان» خطوطها العريضة. في هذا الوقت، لا يزال ملفّ تبادل الأسرى بين الحركة وحكومة كابول يمثّل عائقاً أمام التئام طاولة التفاوض، فضلاً عن عراقيل إضافية يضعها الوفد الحكومي، من قَبيل مساعيه إلى فرض بند وقف إطلاق النار كاختبار يحدّد نيّة الطرف الآخر، ورفضه، تالياً، وضع أيّ جدول زمني لمحادثات لمّح نائب الرئيس الأفغاني، أمر الله صالح، إلى احتمال أن تمتدّ لوقتٍ طويل جداً من الزمن.إلى كل التعقيدات السابقة، شكّلت محاولة اغتيال أمر الله صالح بتفجير استهدف موكبه يوم أمس، سبباً إضافياً للضغط على المفاوضات، ولا سيّما بعدما اعتَبرت بعثتا «الاتحاد الأوروبي» و»حلف شمالي الأطلسي» لدى أفغانستان، الهجوم بمثابة محاولة لإحباط عملية السلام برمّتها، في وقت تستعدّ فيه الحكومة لإرسال وفدٍ مفاوض إلى الدوحة، لينضمّ إلى وفد «طالبان» الذي وصل في وقت سابق من هذا الأسبوع. وصالح، المعروف بمواقفه المعادية للحركة، سبق أن نجا من محاولة اغتيال الصيف الفائت في خلال حملة الانتخابات الرئاسية. وهو كان قد أكّد، الأحد الماضي، أن مفاوضي الحكومة سيدفعون في اتجاه التوصّل إلى وقفٍ لإطلاق النار عندما تبدأ المحادثات، باعتباره ذلك «اختباراً أوّل لطالبان»: «إذا قبلوا بوقف إطلاق النار فهم ملتزمون السلام. وإذا لم يقبلوا فهم ليسوا كذلك». كما لمّح إلى أن المحادثات قد تستمرّ لوقت طويل، حين قال: «لن نحصر المحادثات بأسابيع أو أشهر، ولن نقبل بأيّ جدول زمني».
رفضت حكومة كابول وضع جدول زمني للتفاوض


في ظلّ استمرار الاستعدادات للمفاوضات، لم يتمّ تحديد موعد لجولة المحادثات الافتتاحية، في حين أشار الجانبان إلى أنها يمكن أن تبدأ بعد وقت قصير من إنهاء عملية تبادل الأسرى المتواصلة منذ آذار/ مارس الماضي، والتي شملت الإفراج عن 5,000 من مقاتلي الحركة، مقابل إطلاقها سراح ألف جندي أفغاني. وبحسب الناطق باسمها، ذبيح الله مجاهد، فإن العملية «لم تكتمل بعد، وهناك مَن تبقّى من أسرى الحركة مع الحكومة، والحوار من أجل إطلاق سراحهم مستمر»، مؤكداً الاستعداد للحوار فور الإفراج عن جميع المعتقلين. مصادر في الحكومة الأفغانية ذكرت، لـ»رويترز»، أخيراً، أن ستة من أسرى «طالبان» من أصل خمسة آلاف لم يتمّ الإفراج عنهم، بسبب تحفّظات أبدتها بعض الدول كفرنسا وأوستراليا على خلفيّة تورّط هؤلاء في قتل جنودها. وأكدت هذه المصادر حصول توافق في شأن نقل الستّة إلى الدوحة، ووضعهم قيد الإقامة الجبرية، كحلٍّ وسط يرضي الجانبين. في هذا الإطار، لفت مجاهد إلى عدم وجود «مشكلات رئيسة» تحول دون انطلاق المفاوضات، باستثناء انتظار الحركة الإفراج عَمّن تبقّى من سجنائها. وجرى نقاش هذا البند في لقاء جمع رئيس المكتب السياسي لـ»طالبان» الملا عبد الغني برادار، والرئيس الجديد لفريقها التفاوضي عبد الحكيم حقاني، مع المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد، بداية الأسبوع الجاري، على أن يعقب إطلاق سراحهم «البدء الفوري للمحادثات بين الأفغان».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا