نجح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في الإبقاء على سيف الانتخابات المبكرة بيده تحت عنوان الميزانية العامة. واستطاع، بالاستناد إلى حرص رئيس حزب «كاحول لافان» (أزرق أبيض) بني غانتس على عدم التسبب في انتخابات مبكرة لا يريدها هو في هذه المرحلة، دفعه إلى القبول بصيغة تأجيل الاستحقاق لـ 120 يوماً، عبر تعديل قانوني يحول دون إجراء انتخابات مبكرة فورية.وصادقت الهيئة العامة للكنيست، مساء أوّل من أمس، على مشروع قانون، قبل ساعات على انتهاء الموعد القانوني، يقضي بتأجيل إقرار الميزانية العامة الإسرائيلية لمدة 120 يوماً، ما منع حل الكنيست تلقائياً والذهاب إلى انتخابات جديدة. أتى ذلك بعدما أوعز نتنياهو إلى أعضاء الكنيست من حزب «الليكود» لدعم الاقتراح، والأمر نفسه انسحب على غانتس وحزبه.
لكن، ورغم أن الاتفاق عكس صيغة عدم التوصل إلى حل لأي من المسائل الخلافية القائمة، فإن الطرفين تقاطعا عند عدم الدفع نحو انتخابات مبكرة، على الأقل في هذه المحطة تحديداً، في حين أن غانتس ليس من مصلحته مطلقاً إجراء الانتخابات، كي يتسنى له تولي رئاسة الحكومة في العام المقبل بعد نتنياهو. وهو ما منح نتنياهو مساحة إضافية من المناورة كي يضرب ضربته في التوقيت الملائم.
في الخلاصة، نجح نتنياهو في إحباط محاولة إقرار ميزانية لعامين، لكنه لم ينجح في أن يفرض على غانتس الموافقة رسمياً على ميزانية لعام واحد. في المقابل، فشل الأخير في ابتزاز نتنياهو لبلورة صيغة اتفاق يضمن من خلالها استمرار الحكومة إلى موعد تسلمه منصب رئاسة الحكومة.
بالمقارنة بين إنجازات الطرفين، يكون نتنياهو نجح في الإبقاء على ورقة الانتخابات المبكرة بيده، عبر المحافظة على ورقة الانسحاب مبكراً من الاتفاق الائتلافي مع غانتس ومنعه من ترؤس الحكومة. وعملياً، يكون قد نجح في الفصل بين الميزانيتين لكن من دون إقرار رسمي ومباشر من قبل «أزرق أبيض». وحال نتنياهو أيضاً دون تعيين مفتش عام للشرطة الإسرائيلية، والمدعي العام، والمستشار القضائي للحكومة، إلى أجل غير مسمى. وفي ضوء ذلك، يعني أن الحكومة ستستمر في حالة من عدم الاستقرار، والإبقاء على خيار التلويح بالانتخابات في جولات لاحقة مستقبلية.
الواضح أن نتنياهو لن يسمح لغانتس بتسلّم منصب رئاسة الحكومة


في هذه الأجواء، تفاخر عضو الكنيست تسفيكا هاوزر، الذي بادر إلى التسوية وتأجيل الاستحقاق القانوني، بإيقاف «الجنون ومنعنا الانتخابات مرة أخرى»، معرباً عن أمله في أن يتمكن الأطراف من حل الخلافات في الأشهر المقبلة التي منحهم إياها تعديل القانون.
وكما هو متوقع، انتقل الطرفان إلى محاولة تبرير الموافقة على التعديل، بعد السقوف المرتفعة التي رفعها كل منهما؛ فاعتبر غانتس، في مؤتمر صحافي أوّل من أمس، أن «انتخابات جديدة ستؤدي إلى حرب أهلية وإراقة الدماء في الطرقات»، محاولاً أن يقدّم موافقته على القانون على أنها تهدف إلى الحؤول دون سيناريو يمثّل «تهديداً للمواطنين الإسرائيليين». وواصل محاولة تحصين صورته كندّ لنتنياهو، فأكد عدم سماحه «لأي شخص بتدمير الديموقراطية»، في إشارة إلى نتنياهو. وقال: «لن أسمح لأي شخص بتعيين دمى نيابة عنه في مناصب عامة في أماكن حساسة»، في إشارة إلى التعيينات في منصبي مفوض الشرطة والمدعي العام.
من جهته، أكد نتنياهو، الذي سبقه في مساعي التوظيف، أن «آخر ما تحتاج إليه إسرائيل الآن هو إجراء انتخابات»، لافتاً إلى أنه قبل اقتراح التسوية «المكوّن من جزأين: تأجيل الميزانية، وتأليف لجنة تعيينات مشتركة. كما أعلنت أنني لن أشارك في تعيين المستشار القضائي للحكومة والمدعي العام والمفتش العام للشرطة».
في المقابل، يصرّون في «أزرق أبيض» على رفض طلب نتنياهو تأجيل التعيينات في المناصب الحساسة في الجهاز القضائي، إلى حين تأليف لجنة من مكونات الحكومة مهمتها بحث آلية التعيين، ويرون ضرورة الالتزام ببنود الاتفاق الائتلافي الموقّع مع الليكود في أيار/ مايو الماضي.
في كل الأحوال، الواضح أن نتنياهو لن يسمح لغانتس بتسلم منصب رئاسة الحكومة، وسيدفع نحو انتخابات مبكرة، لكن السؤال محصور بالتوقيت وتحت أي شعار. ووفقاً للعديد من المحللين الإسرائيليين، فإنه عازم على تنفيذ ذلك قبل نهاية العام عبر إسقاط حكومته. وهو بذلك يتفوّق على خصمه - الشريك، غانتس، في القدرة على المناورة، لكون الأخير الأحرص على بقاء الحكومة كي يتولى رئاستها لاحقاً، وهو ما يفرض عليه تقديم التنازلات.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا