شهدت بيلاروسيا، في خلال اليومين الماضيين، تطوّرات متسارعة بعد إعلان فوز الرئيس المنتهية ولايته ألكسندر لوكاشنكو بولاية سادسة، في انتخابات وصفتها المعارضة بـ«المزوّرة»، وأعقبتها تظاهرات وأعمال عنف، وإدانة أوروبية وأميركية، في مقابل تهنئة روسية وصينية.وعلى المستوى السياسي، رفضت المرشحة المعارِضة سفتلانا تيخانوفسكايا النتائج الرسمية، طالبةً من الرئيس التخلّي عن السلطة. وندّدت تيخانوفسكايا، التي ظهرت خلال بضعة أسابيع كمنافسة غير متوقّعة للرئيس ألكسندر لوكاشنكو، الذي يحكم بيلاروس منذ 26 عاماً، بانتخابات مزوّرة، بعد إعلان فوز الرئيس المنتهية ولايته بحصوله على 80,8% من الأصوات، بحسب نتائج نُشرت بعد ظهر أوّل من أمس. وقالت تيخانوفسكايا، البالغة 37 عاماً والحديثة العهد في عالم السياسة: «السلطة يجب أن تفكّر في كيفية تسليمنا الحكم. أعتبر نفسي فائزة في هذه الانتخابات»، وذلك في وقت حصلت فيه على 10,09% من الأصوات.
إلّا أنّ هذه الأخيرة لم تلبث أن غادرت البلاد، أمس، مُعلنة لجوءها إلى ليتوانيا، وداعية أنصارها إلى عدم التظاهر في فيديو صُوِّر «تحت الضغط»، وفقاً لمؤيّديها. اللقطات غير المؤرّخة، والتي بُثّت على حساب «تلغرام» لوكالة أنباء بيلاروسيا، بدت كأنّها سُجِّلت في مكتبٍ، وتظهر فيها تيخانوفسكايا وهي تقرأ بياناً للدعوة إلى «احترام القانون» و«الامتناع عن النزول إلى الشارع». وقد دفع ذلك حلفاءها إلى القول إنّ الفيديو سُجِّل «تحت ضغط قوات الأمن»، وذلك مساء الإثنين على الأرجح، عند احتجازها لساعات في مقرّ اللجنة الانتخابية، إلى حيث توجّهت لتقديم شكوى.
دانت المفوضية الأوروبية وباريس وبرلين ولندن وواشنطن «القمع» ودعت إلى ضبط النفس


وفي فيديو آخر، أعلنت تيخانوفسكايا أنّها غادرت بيلاروسيا إلى ليتوانيا، من دون أن تدعو إلى عدم التظاهر. وأكدت أنّها اتّخذت «القرار الصعب» بمغادرة البلاد، مضيفة: «اتخذت القرار بمفردي، وأعرف أنّ كثيرين سيدينونني، وكثيرين سيفهمونني، وكثيرين سيكرهونني». وتحدثت تيخانوفسكايا عن ولدَيها اللذين أرسلتهما، في وقت سابق، إلى الخارج «خشية الضغوط». وفي هذا الإطار، أكّد وزير الخارجية الليتواني ليناس لينكيفيتشوس، أنّ تيخانوفسكايا «وصلت إلى ليتوانيا وهي بأمان» مع ولديها، بينما لفت فريقها إلى أنّ رحيلها كان قسرياً، بضغط من السلطات.
وفيما يأتي كلّ ذلك بعد ليلة ثانية من الاحتجاجات والصدامات بين المتظاهرين وقوات الأمن في مينسك ومدن أخرى أوقعت قتيلاً، فقد أفادت الشرطة عن اعتقال ثلاثة آلاف شخص، مساء الأحد، وألفين مساء الإثنين، بينهم إيغور مارتينوفيتش رئيس تحرير وسيلة إعلام معارِضة، في حين أصيب عشرات المتظاهرين والشرطيين بجروح. وتعليقاً على ذلك، اعتبر الرئيس البيلاروسي أنّ المتظاهرين كانوا «خرافاً» مسيّرين من لندن وبراغ ووارسو، مؤكداً أنه لن يترك البلاد «تتمزّق أجزاءً».
تصريح لوكاشينكو جاء في وقت دانت فيه المفوضية الأوروبية وباريس وبرلين ولندن وواشنطن «القمع»، ودعت مينسك إلى ضبط النفس. وأشار وزير الخارجية الألماني هيكو ماس إلى احتمال إعادة فرض عقوبات أوروبية على بيلاروسيا، سريعاً، وذلك بعدما كانت قد رُفعت جزئياً في عام 2016. من جهتها، طلبت وارسو عقد قمة أوروبية حول هذا الموضوع، واقترحت وساطتها. كذلك، أعرب «حلف شمال الأطلسي» عن «مخاوف جدية» بشأن كيفية إجراء الانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا، في حين صرّح سكرتير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون، في تغريدة على موقع «تويتر»، بأنّ «الحريات الأساسية والحقوق الديموقراطية ينبغي احترامها في بيلاروسيا». وأكّد «وجوب نشر النتائج في شكل كامل وشفاف، وأنّ أوروبا ستكون يقظة بالنسبة إلى قيمها الأساسية».
في المقلب الآخر، هنّأ الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جينبينغ الرئيس لوكاشنكو، وذلك رغم أنّ هذا الأخير اتهم حليفه الروسي التقليدي، في الأسابيع الأخيرة، بأنّه يريد توريط بلده ودعم المعارضة، خصوصاً عبر إرسال مرتزقة.
(رويترز، أ ف ب)

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا