لم تكترث الصين لتهديدات الولايات المتحدة الأميركية بفرض عقوبات عليها، إذا ما أقرّت قانون الأمن القومي الجديد الخاص بهونغ كونغ. وبحضور الرئيس شي جين بينغ، صفّق النواب طويلاً بعد إعلان نتيجة التصويت في قاعة قصر الشعب حيث تبنى البرلمان الصيني الإجراء؛ وصوّت 2993 من أصل 3000 من نواب الجمعية الوطنية الشعبية لصالح الإجراء، فيما صوّت نائب واحد فقط ضد النص وامتنع ستة آخرون عن التصويت.القانون الذي جاء بعد تظاهرات العام الماضي في هونغ كونغ أثار الاضطرابات مجدّداً في المنطقة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي في جنوب الصين. باتت المسألة تخص «الأمن القومي» للصين، وجعلتها بكين أولوية لها بعدما كثرت الأصوات ضد نفوذ السلطة المركزية الصينية، كما كثرت المطالبة بالنزعة الاستقلالية.
لهذا السبب، جاء هذا القانون من قبل اللجنة الدائمة للمجلس الوطني الشعبي الصيني ليتم إدراجه في دستور هونغ كونغ المصغّر، متجاوزاً تصويت المجلس التشريعي المحلي عليه. وينص القانون على «منع ووقف وقمع أيّ تحرك يهدد بشكل خطير الأمن القومي مثل النزعة الانفصالية والتآمر وإعداد أو الوقوف وراء نشاطات إرهابية، وكذلك نشاطات قوى أجنبية تشكل تدخلاً في شؤون هونغ كونغ».
«القوى الأجنبية» يُقصد بها الولايات المتحدة مباشرةً، بعدما اتهمتها بكين مراراً العام لماضي بتدبير الاضطرابات في هونغ كونغ وتعزيز الراديكاليين المطالبين بنشاطات «إرهابية».
البيت الأبيض لم يقف مكتوف الأيدي منذ خرجت إلى العلن النية بتمرير هذا القانون. وكان أول تحركاته، تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإنهاء الوضع التجاري التفضيلي الممنوح لهونغ كونغ، وفرض عقوبات اقتصادية عليها، مع العلم أنه وعد بالإعلان عن إجراءات «مثيرة جداً للاهتمام» في حلول نهاية الأسبوع.
كذلك، تعهّد بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالتحرك بسرعة لإقرار مشروع قانون يلوّح بفرض عقوبات على أي مسؤول صيني يعمل على تقويض الحكم الذاتي لهونغ كونغ، معربين عن أملهم أن يؤدي هذا الإجراء إلى ردع بكين.
لم ينفع كل هذا، بل على العكس، حملت بكين على القرار الأميركي ووصفه مكتب وزارة الخارجية الصينية في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة بأنه «وحشي». كما هدّدت باتخاذ تدابير مماثلة ضد الولايات المتحدة.
وإلى جانب الأخيرة، وقفت تايوان، التي تعهّدت رئيستها تساي إنغ-ون بإطلاق «خطة عمل» لمساعدة الناشطين «المؤيدين للديمقراطية في هونغ كونغ» حسب تعبيرها، مع تدفق العديد منهم إلى هناك بحثاً عن ملاذ آمن.
انقسمت آراء أهل الجزيرة أنفسهم على القرار الجديد. وبينما رآه البعض «نهاية هونغ كونغ» مثل ما قالت كلاوديا مو النائبة المؤيدة للديمقراطية في المجلس التشريعي لهونغ كونغ، أكد رئيسة السلطة التنفيذية المحلية كاري لام أن القانون «لن يمس بالحقوق والحريات التي يتمتع بها سكان هونغ كونغ».
سيتحدد مصير مبدأ «بلد واحد ونظامان» الذي يحكم العلاقات بين بكين وهونغ كونغ منذ إعادة المنطقة إلى الصين في عام 1997، في الأشهر القليلة المقبلة، لكن لا يبدو أن شيئاً سيقف أمام الصين التي باتت مصمّمة أكثر من أي وقت مضى على إنهاء الاضطراب السياسي الذي يهزّ هونغ كونغ منذ شهور.