أعربت كوبا عن اعتقادها بأن بقاء دونالد ترامب، في سدّة الرئاسة الأميركية لولاية ثانية، سيحمل تبعات سلبية جداً على العلاقة المتأزمة أصلاً بين واشنطن وهافانا. وفي مقابلة مع المدير العام للشؤون الأميركية في وزارة الخارجية الكوبية كارلوس فيرنانديز دو كوسيو، نشرتها وكالة «فرانس برس»، قال المسؤول الكوبي إن فوز الجمهوريين وبقاء ترامب سيكون «سيناريو سلبياً جداً (...) لأنه يعني استمرار السياسة العدوانية الحالية ضد بلادنا».
ومنذ وصوله إلى البيت الأبيض، تراجع ترامب عن سياسة الانفتاح بين البلدين التي بدأت في عهد سلفه باراك أوباما واتّسمت بالاستعادة التاريخية للعلاقات الدبلوماسية عام 2015. ففي عام 2019، عززت إدارته الحصار الساري منذ عام 1962، من خلال أكثر من 80 إجراء، نصفها ذات طابع اقتصادي: عقبات أمام تسليم كوبا النفط الفنزويلي، ضغوط وملاحقات ضد مصارف وشركات أجنبية تعمل مع الجزيرة، قيود على زيارات الأميركيين لكوبا.
وحتى مع ظهور وباء «كوفيد 19»، عززت الولايات المتحدة ضغوطها على الجزيرة الكاريبية وعرقلت جميع أنواع المساعدات التي كان من المفترض أن تصل إليها؛ كما منعت الشركات من التعامل التجاري والطبي مع كوبا. وفي مقابل السلوك الأميركي، كانت كوبا ترسل أطباء لمساندة الطواقم الطبية في 24 دولة، وندد مسؤولون أميركيون كبار علناً بشروط عمل هؤلاء الأطباء.

سلاح الكوبيين المنفيين
الأربعاء الماضي، قال ترامب في تسجيل مصوّر نُشر على «تويتر»: «نحن فخورون بكم للغاية، الكوبيون ـــ الأميركيون، وأنا مسرور لأنكم إلى جانبي». ويحرص الرئيس الأميركي على استقطاب المجتمع الكوبي المنفي في ولاية فلوريدا الأميركية، التي تُعتبر أساسية لإعادة انتخابه.
ويعتمد في ذلك على الكثير من المنفيين أو المتحدرين من منفيين كوبيين، الذين ينتقدون كثيراً حكومة هافانا، على غرار السيناتور ماركو روبيو أو النائب ماريو دياز بالارت، وكلاهما من فلوريدا.
ومن هنا، قال كارلوس فيرنانديز دو كوسيو إنه في حال فوز ترامب بولاية ثانية، فإن الخطر هو أن «يقرر إبقاء هذه المجموعة الصغيرة من الأشخاص، ذات المسار المناهض لكوبا، في مناصب مهمة إلى هذا الحدّ في الإدارة» الأميركية.
وأضاف ممثل وزارة الخارجية إنه رغم العداء من جانب واشنطن، إلا أن «كوبا ليس لديها مصلحة في قطع العلاقات مع الولايات المتحدة (...) وليس لدينا نيّة أخذ مبادرة (لقطع العلاقات). لكن إذا حصل ذلك، فنحن مستعدّون».

الحدّ الأدنى من الحوار
لا تزال السفارة الأميركية مفتوحة في هافانا، إلا أنها شبه خالية منذ إجلاء قسم من موظفيها قالوا إنهم «تعرضوا لحوادث صحية غامضة». وعُلقت خدمات التأشيرات، فيما تكثّف القائمة بالأعمال مارا تيكاش انتقاداتها للحكومة. ولا تنوي هافانا اتخاذ تدابير مضادة بحق الدبلوماسيين الأميركيين على أراضيها.
وفي هذا السياق، يقول فيرنانديز دو كوسيو: «ليس من الضروري طردهم (...) الحوار الرسمي في حدّه الأدنى، شبه معدوم». ويوضح أنه لم يتبقّ من فترة الانفراج القصيرة سوى «حدّ أدنى من التنسيق في ما يخصّ الهجرة وتطبيق القانون».
والتوتر الأخير بين البلدين كان حول إقدام مهاجر كوبي على إطلاق النار في 30 نيسان/ أبريل على السفارة الكوبية في واشنطن، في عمل وصفته هافانا بالـ«إرهابي». وأُوقف الرجل الذي لم يتسبب هجومه بأية أضرار، لكن كوبا أعربت عن أسفها لعدم تلقيها أية مراسلة رسمية بشأنه من جانب السلطات الأميركية. وتعتبر الحكومة الكوبية أن الصمت «تواطؤ»، مؤكدةً أن سياسة العداء من جانب واشنطن مسؤولة عن أفعال المهاجم.