تواجه كلّ من أميركا وبريطانيا وغيرهما من الدول الأوروبية، تفشّي وباء «كورونا» بطريقة مختلفة، الأمر الذي لا يعطي فكرة واضحة عمّا إذا بدأ فعلاً بالانحسار. فمثلاً، يسعى دونالد ترامب إلى تعليق مؤقت للهجرة، علّه بذلك يحافظ على وظائف الأميركيين في ظل الأزمة الاقتصادية التي خلّفها الوباء الذي يواصل انتشاره على الأراضي الأميركية. أمّا بريطانيا، فتشهد ارتفاعاً في عدد الوفيات، بينما تسعى ألمانيا والنمسا إلى تخفيف إجراءات العزل، تماشياً مع ما لمسته من انخفاض الوفيات على أراضيها، من دون أن تلغي إجراءات التباعد الاجتماعي.في مواجهة «العدو الخفيّ» المتمثّل بفيروس «كورونا» المستجدّ، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن «تعليق مؤقت» للهجرة إلى الولايات المتحدة، من أجل «حماية وظائف» الأميركيين واقتصاد البلاد، الأكثر تضرّراً بالوباء العالمي، الذي أودى بأكثر من 174 ألف شخص، وأصاب أكثر من مليونين و500 شخص حول العالم.
وكتب ترامب في تغريدة: «في ضوء هجوم العدو الخفيّ، وفي ظلّ الحاجة إلى حماية وظائف مواطنينا الأميركيين العظماء، سأوقّع على أمر تنفيذي لتعليق الهجرة مؤقتاً إلى الولايات المتحدة!». وأودى «كورونا» الذي يصفه ترامب بـ«العدوّ الخفيّ» بأكثر من 42 ألف شخص في الولايات المتحدة، حيث تمّ تسجيل نحو 803,018 إصابة، وبينما خسر أكثر من 22 مليون أميركي عملهم بسبب الوباء.
الرئيس المرشّح لانتخابه مجدداً، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، والذي يُعتبر الحدّ من الهجرة أحد المواضيع البارزة في حملته، لم يعطِ أي تفصيل عن الطريقة التي يعتزم عبرها تطبيق هذا الإجراء وكم ستكون مدّته. إلا أنه قد يوقّع مرسوماً في هذا المنحى، وفق ما ذكرت صحيفة «ذي واشنطن بوست».
وفي مواجهة الوباء، فرض ترامب، منذ كانون الثاني/يناير، قيوداً على التنقلات من وإلى الصين، قبل أن يمنع الرحلات بين الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية، في منتصف آذار/مارس. وبدا ترامب، مذّاك، متحمساً لإعادة إطلاق العجلة الاقتصادية، في مواجهة الجهود المبذولة لمكافحة المرض، كما شجّع متظاهرين غاضبين ضدّ تدابير العزل في بعض الولايات.
ويأتي إعلان ترامب بشأن الهجرة، في وقت يتواصل فيه انتشار الوباء عالمياً، بينما بدأت بعض الدول الأوروبية تخفّف من إجراءات العزل، بعدما شهدت انخفاضاً في عدد الوفيات. وبينما بدأت ألمانيا هذا المسار، وتبعتها النمسا والنروج والدنمارك، شهدت حصيلة الوفيات في المملكة المتحدة ارتفاعاً، مع تسجيل 828 وفاة إضافية، وفق حصيلة لوزارة الصحة أمس. وبلغت الحصيلة الإجمالية للوفيات في البلاد، 17 ألفاً و337، بينما بات عدد الإصابات 129 ألفاً و44 حالة.
في غضون ذلك، أشارت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إلى أن «المضي قدماً بسرعة سيكون خطأً، هذا ما يقلقني»، داعيةً إلى الحفاظ على الانضباط. وقالت: «لا نزال في مستهل الوباء وبعيدين أيضاً عن الخروج من المأزق».
وأُلغي مهرجان البيرة الشهير في ميونيخ، الذي كان مقرّراً هذه السنة، من 19 أيلول/سبتمبر إلى الرابع من تشرين الأول/أكتوبر، وفق ما أعلنت السلطات المحلية الثلاثاء. واعتبرت أن «المخاطر عالية جداً»، مع توقع مجيء أكثر من ستة ملايين زائر ثلثهم من الخارج ولا سيما آسيا.
وفي معظم الدول المعنية، تبقى المراكز الثقافية والحانات والمطاعم والصالات الرياضية مغلقة، فضلاً عن منع الحفلات الموسيقية والمنافسات الرياضية التي عادة ما تشهد تجمّعات كبيرة، حتى أواخر آب/أغسطس. وستعيد المدارس والثانويات فتح أبوابها تدريجياً.
كذلك، تستعد فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، الدول الثلاث الأكثر تضرراً من الوباء في القارّة الأوروبية، إلى اتخاذ أول تدابير رفع العزل، خلال الأيام والأسابيع المقبلة. وكانت فرنسا قد اتخذت، أول من أمس، خطوتها الأولى في اتجاه تخفيف القيود، فسمحت من جديد - لكن ضمن شروط - بزيارة نزلاء دور الرعاية للمسنّين.