برغم المناورات التي شهدتها المفاوضات الثنائية أخيراً بين رئيس حزب «الليكود»، بنيامين نتنياهو، ورئيس «أزرق أبيض»، بيني غانتس، التي أوحت في بعض المحطات بأن خيار الانتخابات (الرابعة) بات الأكثر ترجيحاً، فإن عدداً من العوامل والمستجدات كانت تؤشر على أن الخيار الأكثر ملاءمة مع مصالح الأطراف في هذه المحطة بالذات هو التوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة المستمرة منذ نحو سنة ونصف سنة.من الواضح أن المتغيرات الأساسية التي فتحت الطريق أمام هذا السيناريو انتشار فيروس كورونا وما تلاه من تحديات اقتصادية وصحية، إضافة إلى استنفاد أطراف الائتلاف خياراتها السياسية والانتخابية، وصولاً إلى تفكك «أزرق أبيض». مع ذلك، لعب قرار الرئيس رؤوبين ريفلين رفض تمديد تفويض غانتس، والامتناع عن نقله إلى نتنياهو، وتحويله إلى الكنيست، دوراً أساسياً في تسريع هذا المسار، واختصار المناورات أمام الطرفين، ووضعهما أمام مدة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع كي يتخذا قراراً حاسماً. لذلك، كان أصل التوصل إلى اتفاق مرجحاً في هذه الجولة من الكباش على خلاف الجولات السابقة. لكن الاحتمالات حول توقيت الاتفاق كانت مفتوحة ضمن المدى المتبقي للمفاوضات، قبل الدخول في انتخابات إضافية.
لا حاجة إلى بذل جهد كبير من أجل اكتشاف هوية المنتصر الذي أملى غالبية شروطه على الطرف الآخر، فقد استطاع نتنياهو أن يكرس نفسه رئيساً للحكومة، برغم اتهامه بقضايا جنائية على رأسها الرشوة. كما لم تنجح كل محاولات إطاحته من داخل حزبه وخارجه، بل فرض على بعض المعارضة التسليم بهذه الوقائع والإقرار بتتويجه. وهو نجح في إقرار أجندته المتصلة بفرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات في الضفة المحتلة، إضافة إلى تحييد قانون «القومية» عن أي تعديل، إلى جانب امتلاكه الفيتو في تعيين القضاة والمستشار القضائي للحكومة والمدعي العام، رغم أنه متهم وسيكون لهؤلاء دور في محاكمته.
لريفلين الدور الأكبر بعد «كورونا» وضيق الخيار في الدفع إلى اتفاق


كما نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية، تم التوصل إلى صيغة لحكومة مدتها ثلاث سنوات، يرأس نصف ولايتها الأول نتنياهو، على أن يرأسها في النصف الثاني غانتس. وبخصوص مصير نتنياهو لو رفعت «المحكمة العليا» بطاقة حمراء لمنعه من تولي الرئاسة، ذكر معلق الشؤون السياسية في القناة الـ 12في التلفزيون الإسرائيلي، عميت سيغل، أنه في هذه الحالة ستتجه إسرائيل نحو انتخابات إضافية. وتتشكّل هذه الحكومة من 30 وزيراً، من أبرزهم غابي أشكنازي للخارجية (نصف ولاية)، بيني غانتس للأمن، ويسرائيل كاتس (الليكود) للمالية، وآفي نينكورن (أزرق أبيض) للقضاء، على أن يتمتع «الليكود» بحقّ الفيتو في كل قرار يتعلّق بالوزارة الأخيرة. أما الاقتصاد، فلعمير بيرتس (العمل)، والرفاه لإيتسيك شمولي (العمل)، والأمن الداخلي لميري ريغيف (الليكود)، والصحة ليعكوف ليتسمان (يهدوت هتوراه)، والداخلية لآرييه درعي (شاس).
هكذا، حصل معسكر اليمين الذي يترأسه نتنياهو على رئاسة الكنيست، لياريف لافين (الليكود)، إضافة إلى رئاسة لجان المالية والاقتصاد و«كورونا»، مع وزارات المواصلات والأمن الداخلي والمالية والصحّة والداخلية والطاقة وجودة البيئة والإسكان. أما غانتس، فسيحصل خلال ولاية نتنياهو على لقب «رئيس الحكومة البديل»، على ألا يحقّ لنتنياهو عزله، في حين يجب أن يتبادلا الألقاب بعد التناوب. وفي هذه الأجواء، توجه نتنياهو إلى الجمهور بالقول: «وعدت دولة إسرائيل بحكومة طوارئ وطنية تعمل لإنقاذ حياة ومعيشة مواطني إسرائيل، وسأواصل عمل كل شيء من أجلكم». وكما هو متوقع، لقي الإعلان أصداء سلبية لدى معارضي ترؤس نتنياهو، إذ رأى رئيس «يوجد مستقبل»، يائير لابيد، أن ما جرى «تجاوز لكل حدود العار، كون هذه الحكومة منحت المتهم بقضايا جنائية (نتنياهو) صلاحية تعيين قضاة سيحاكمونه».