كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية عن تقدم مهم في جلسة رئيس حزب «الليكود»، بنيامين نتنياهو، ورئيس «أزرق أبيض»، بيني غانتس، التي استمرت ست ساعات أمس، رغم أنه لم يتم إعلان رسمي لهذا التقدم بعد، التزاماً بقاعدة «كل شيء، أو لا شيء». على هذه الخلفية، أكد بيان عن الحزبين أن طاقمي المفاوضات سيعاودان الاجتماع في نهاية عيد «الفصح» اليهودي مساء اليوم (الأربعاء) «بهدف التوصل إلى اتفاق على حكومة وحدة قومية».تأتي هذه الجولة بعدما فرض الإنذار الذي وجهه الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، وقائع جديدة على الطرفين. فلا هو مدَّد لغانتس، ولا كلَّف نتنياهو، رغم أن الأخير يتمتع بتأييد 59 عضو كنيست. بل لوَّح ريفلين بالقفز إلى جولة النهاية في الكنيست، التي تبلغ مدتها 21 يوماً ويُحدِّد خلالها 61 عضواً هوية رئيس الحكومة المقبلة، أو يبقى الخيار الذهاب إلى انتخابات مبكرة. هذا الموقف قطع الطريق على استمرار مناورات نتنياهو وغانتس، ودفعهما قهراً إلى توجيه رسالة مشتركة إلى الرئيس يطلبان فيها تمديد المهلة لمنحهما فرصة للتوصل إلى اتفاق قبل نقل المهمة إلى الكنيست، لينتج في نهاية المطاف تمديد المهلة 48 ساعة!
عُقد الاجتماع في المنزل الرسمي لرئيس الحكومة، وشارك فيه القيادي في «أزرق أبيض» غابي اشكنازي. وتناقلت وسائل الإعلام عن شخصيات قيادية من الطرفين تأكيدها أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق حتى الآن، وأنه «ليس بالإمكان القول بصورة مؤكدة إننا ذاهبون إلى اتفاق». مع ذلك، كشفت تقارير أخرى أنه تم التوصل إلى اتفاق حول الموضوعين الأساسيين موضع الخلاف، أولهما لجنة تعيين القضاة، التي تقرر أن تخضع مناقشاتها لتوافق المندوبين عن «الليكود» و«أزرق أبيض». وفي شأن الخلاف الثاني، أي ما يتصل باحتمال أن تقرر «المحكمة العليا» منع نتنياهو من تأليف الحكومة، اتفق على أنه في حال حدوث ذلك، سوف تُحل الحكومة والكنيست ويجري التوجه إلى انتخابات رابعة.
يبدو في دوافع هذا الاتفاق أن غانتس لا يريد أن يسجل على نفسه سن قانون يلتف على «العليا» ويُعطِّل قرارها منع نتنياهو من ترؤس الحكومة. وفي المقابل، يريد الثاني التوجه إلى الجمهور من أجل الحصول على غالبية 61 عضواً مؤلفين من اليمين الذي يوافق على سن قانون من هذا النوع. وبجانب ذلك، لم تقتصر تداعيات السعي إلى تشكيل حكومة وحدة برئاسة نتنياهو على تفكك «أزرق أبيض»، بل يبدو أنه شمل كتلة «يمينا»، أو هو في الطريق إلى ذلك، علماً بأن هذه الكتلة ساهمت في تمكين نتنياهو من تعطيل مساعي تشكيل الحكومة خلال أكثر من سنة، وصولاً إلى المرحلة الحالية.
رغم الأرجحية للاتفاق على تشكيل حكومة، تبقى كل الاحتمالات مطروحة


في هذا السياق، ذكرت مصادر يمينية أن «نتنياهو باع اليمين لإنقاذ نفسه، لكنه سيكتشف سريعاً جداً أن شركاءه الجدد، الذين سيحصلون على حقيبة القضاء، سيلقون به بسرعة من مقر بلفور (المنزل الرسمي لرئيس الحكومة في شارع بلفور بالقدس المحتلة). وعندئذ لن نكون هناك». في المقابل، اتهمت جهات في «الليكود»، «يمينا»، بأن هدف التكتل «محاولة إحباط حكومة طوارئ قومية لمصلحة مناصب لقادة يمينا». مع ذلك، يشار إلى أن انشقاق «يمينا» لن يؤثر في مسار تشكيل الحكومة، لأنه مع هذا التكتل ودونه يمكن تشكيل حكومة تستند إلى «الليكود» و«أزرق أبيض» والأحزاب الحريدية، الذين يشكلون معاً 67 عضواً. حتى لو تدحرجت التطورات إلى انتخابات رابعة فرضاً، لن تجازف الكتلة في التسبب في سقوط حكم اليمين.
برغم الأجواء الضبابية التي تخيم على المفاوضات، هناك عوامل دافعة لكلا الطرفين من أجل التوصل إلى اتفاق، وتحديداً بعد المستجدات السياسية والحزبية. من جهةٍ، ما يهم نتنياهو أن يُتوَّج رئيساً للحكومة بالدرجة الأولى، فإن ضمن ذلك، تزول أهم عقبة حالت حتى الآن دون تأليفها، فضلاً عن ثوابت أخرى تتصل بمطالب اليمين لجهة فرض السيادة على المستوطنات وغير ذلك. ومع اقتراب غانتس خطواتٍ مهمةً من مطلب نتنياهو، ارتفعت احتمالات تأليف الحكومة عما سبق. ولا شك أنه في حال لم يضمن الرجل منصبه في رئاستها، بغض النظر عن التفاصيل، فهو مستعد لإبقاء إسرائيل في حالة فراغ، وهو ما أثبته خلال أكثر من 15 شهراً.
في المقابل، وبعد تفكك «أزرق أبيض»، يختلف الوضع عما قبله لدى غانتس الذي صار كمن أحرق قوارب العودة، عندما تفرّد بين قادة تحالفه بقرار التوجه نحو تأليف حكومة. يمكن تلمس هذا المنطق بين سطور موقف غانتس الذي توجه إلى الإسرائيليين بالقول: «نحن في حرب؛ إسرائيل تحتاج إلى حكومة طوارئ قومية، وفوراً». وللتوازن في الصورة، عمد الجنرال إلى تقديم نفسه كشخصية تحافظ على المبادئ، لما قال: «نتنياهو والليكود يعرفان أن هناك مواضيع لا نساوم عليها، وعلى رأسها الحفاظ على سلطة القانون والدفاع عن الديموقراطية الإسرائيلية. هذا مهم على الدوام، وبشكل أكيد في حالة الأزمة».
لكن ماذا لو يتم التوصل إلى اتفاق نهائي وانتهت المهلة التي حدَّدها الرئيس؟ في هذه الحالة، يوجد أكثر من سيناريو، من ضمنها، كما ذكرت تقارير معلقين في الشؤون السياسية الداخلية، أن ريفلين مستعد لتمديد إضافي بشرط أن يُقدِّم إليه الطرفان تقدماً «نوعياً جداً»، مثل اتفاق موقّع أو شيء آخر قريب منه.