لا تكتفي الولايات المتحدة بالإبقاء على عقوباتها ضد الدول رغم ما يشهده العالم من حرب ضروس مع وباء كورونا، بل إنها تزيد هذه العقوبات، والأسوأ أخيراً استغلال الضغط الذي تعانيه البلدان الرازحة تحت خطر الوباء لمساومتها على الاستسلام مقابل رفع العقوبات. آخر فصول هذه السياسة تجلى في فنزويلا، حيث عُرض على الرئيس نيكولاس مادورو، استغلالاً لأزمتي الوباء وانخفاض أسعار النفط، رفع العقوبات مقابل تقاسم السلطة مع المعارضة بزعامة الانقلابي خوان غوايدو.الابتزاز، الذي تمارسه إدارة دونالد ترامب، سمّاه وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، «إطار انتقال ديمقراطي» يؤمّن «مخرجاً تدريجياً» من العقوبات بما فيها الحظر على قطاع النفط الحيوي، على أن يتنحى كل من الرئيس المنتخب مادورو، والانقلابي غوايدو الذي ينصّب نفسه رئيساً وتعترف به الدول الغربية وحلفاء واشنطن. «العرض» المرفوض في كاراكاس لم يخرج إلا بعد أيام من التشدّد الأميركي عبر خطوات وتصريحات بينها إعلان مكافأة مالية مقابل إلقاء القبض على الرئيس الشرعي، واتهام الأخير بتهريب المخدّرات.
وفي تأكيد لجدّية التصعيد الأميركي، انضمّ الاتحاد الأوروبي إلى الضغوط المتصاعدة، بإعلان أن مقترح واشنطن «متطابق مع الحل السلمي». وفي ختام اجتماع عبر الفيديو لوزراء خارجية الاتحاد في بروكسل أمس، رحّب وزير خارجية الاتحاد، جوزيب بوريل، «بالإطار الذي تقترحه الولايات المتحدة لتحقيق انتقال ديمقراطي في فنزويلا»، معبراً في الوقت نفسه عن «قلق الاتحاد... من الأثر المدمّر على الصعيد الإنساني» الذي يمكن أن يسبّبه كورونا «في بلد يعيش وضعاً اقتصادياً واجتماعياً وإنسانياً صعباً». ودعا بوريل إلى مفاوضات على غرار مفاوضات النرويج، مبدياً استعداد القارة «للمساهمة، خاصة عبر مجموعة الاتصال الدولية، في مسار شامل لإرساء الديمقراطية ودولة قانون، عبر تنظيم انتخابات رئاسية حرة ومنصفة».