لا يعني تعرقل المفاوضات الائتلافية بشأن الحكومة المقبلة في إسرائيل، كما ذكرت التقارير الإعلامية العبرية، أن آفاقها باتت مسدودة، وأن شبح الانتخابات العامة عاد من جديد، فقطار الحكومة قد انطلق، ومن المستبعد جداً أن تتدحرج الخلافات المستجدة نحو إحباط هذا المسار، إذ لم يعد أمام رئيس تحالف «أزرق أبيض»، بيني غانتس، الكثير من الخيارات بعدما انشق عن بقية حلفائه، وبات من مصلحته السياسية والشخصية في أعقاب تولّيه رئاسة الكنيست مواصلة هذا المسار. في المقابل، بات رئيس الحكومة المستقيلة، بنيامين نتنياهو، في موقع أقوى مما كان عليه قبل الاتفاق، وخاصة بعد تفكك «أزرق أبيض»، والتقارير عن توجه «العمل» إلى الانضمام إلى الحكومة. مفاعيل المستجدات في مسار التشكيل لم تقتصر على تفكيك تحالف غانتس، بل انتقل الخلاف داخل معسكر اليمين حول توزيع الحقائب. وينبع ذلك من اعتراض وزراء كبار في «الليكود» على كون عدد الوزراء لما تبقى من «أزرق أبيض» مساوياً لوزراء أحزاب اليمين والحريديم، واصفين هذه المعادلة بأنها «تفتقر إلى المنطق»، في إشارة إلى كون الأول يضم 15 مقعداً في الكنيست، في حين أن معسكر اليمين يضم 58. بالاستناد إلى المعطيات نفسها، يمكن طرح علامات استفهام حول إمكانية تنفيذ الاتفاق المفترض الذي يضم التناوب على رئاسة الحكومة بين نتنياهو وغانتس.في ضوء هذه المواقف، هاجم تكتل «يمينا» الاتفاق وطالب بوضع خطوط حمر ضد «بيع الأجندة اليمينية لليسار»، فيما وصف قياديون في «الليكود» مطالب «يمينا» بأنها «وقحة»، كونهم اعتادوا تولي حقائب غير منطقية. مع ذلك، تراجع نتنياهو وغانتس، وفق صحيفة «هآرتس»، عن اتفاقات سابقة حول الوزارات. وأولى ثمار هذا الخلاف المستجد كان داخل معسكر اليمين، حيث وجه رئيس الكنيست السابق، يولي ادلشتاين، رسالة قاسية إلى نتنياهو على خلفية الاتفاق الأولي مع غانتس على ألا يعود ادلشتاين إلى منصبه، كما طالب «يمينا» بحقائب مهمة. وعاد الفريقان، «الليكود» و«أزرق أبيض»، إلى مناقشة حقيبة القضاء، إذ طلب القيادي في التحالف المتفكك، غابي أشكنازي، بعد رفضه تولي الخارجية، حقيبة الصحة، لكن وزير الصحة الحالي، يعقوب ليتسمان، يرفض التنازل بشدة. ويطالب أشكنازي بتولي حقيبة أخرى بمستوى الأهمية نفسها. كما تناولت المفاوضات الثنائية قضية فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق في الضفة المحتلة. مهما تكن المستجدات التي ستسلكها المفاوضات بين الجانبين، يتحرك مسار تشكيل الحكومة على وقع تفشي «كورونا»، الذي شكَّل دافعاً ومبرراً للمعارضين من أجل الانضمام إلى حكومة برئاسة نتنياهو، فضلاً عن أنه سيحول دون العودة عن تشكيلها الذي يصير أكثر إلحاحاً كلما تفاقم الوضع الاقتصادي والصحي.
تقرر إخضاع نتنياهو وطاقمه ورئيس الأركان للحجر الصحي


في مواجهة هذا التحدي، الفيروس، امتنعت الحكومة حتى الآن عن الإغلاق الكامل تجنباً لتداعياته الاقتصادية الخطيرة، واكتفت بتشديد الإجراءات الاحترازية التي يترتب عليها أيضاً أثمان اقتصادية مؤلمة. في هذا الاطار، أعدت تل أبيب خطة تتمثل في تقديم مساعدات بقيمة 80 مليار شيكل (100 دولار = 355 شيكل)، موزعة كما يلي: 40.7 مليار شيكل لقطاع الأعمال، 11 ملياراً للجهاز الصحي والتعامل مع الفيروس، 20.6 مليار مساعدات للأسر، 7.7 مليارات لتسريع عجلة الاقتصاد. وكشف وزير المال، موشيه كحلون، الذي أعلن أنه سيعتزل الحياة السياسية بعد تشكيل الحكومة المقبلة، أن إسرائيل دخلت «في أزمة اقتصادية هي الأصعب في تاريخنا»، لكنه حاول أن يعطي بارقة أمل بالقول إن هذا الوضع لن يستمر إلى الأبد، معرباً عن اعتقاده بأن الاقتصاد «سيعمل تدريجياً بعد عيد الفصح». وتعليقاً على الخطة، رأى رئيس اللجنة المالية في الكنيست، عوديد فورير، أن «هذه بصقة في وجه الشركات الصغيرة والمتوسطة. هذه ليست خطة اقتصادية، بل خطة فك ارتباط حكومية مع الشركات الصغيرة». يأتي ذلك مع ارتفاع نسبة البطالة إلى نحو 24%، إذ بلغ إجمالي المتعطلين نحو مليون طالب عمل، فيما تدرس الحكومة تقليص النشاط الاقتصادي الذي لا يزال قائماً في ظل القيود، والذي يقدر بـ 30% من حجم الاقتصاد الإسرائيلي، كي يبلغ ما نسبته 10 ـــ 15%.
إلى ذلك، أعلن مكتب نتنياهو أنه تقرر إخضاعه وطاقمه المقرب للحجر الصحي بعد تشخيص إصابة مستشارته لشؤون الكنيست والحريديين، ريفكا بالوخ، بالفيروس المستجد. وبناءً على تعليمات وزارة الصحة، تقرر دخول رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، وقائد الجبهة الداخلية، اللواء تامير يدعي، في الحجر لأنهم أجروا مباحثات قبل نحو 10 أيام مع قادة وحدة الاتصال حيث ثبت أن أحدهم كان مصاباً.