لم تكد تمرّ ساعات على الإعلان عن وصول عدد الوفيات في الولايات المتحدة جراء فيروس «كورونا»، إلى حوالى 3000، حتى أعلنت جامعة «جونز هوبكنز» وصول العدد الى 3,415 ليتخطّى ذلك المسجّل في الصين (3,309 وفيات).ولم تلبث فرنسا أن خرجت بعدد أكبر، إذ أعلن المدير العام للشؤون الصحية جيروم سالومون وفاة نحو 500 شخص في مستشفيات البلاد، في الساعات الـ 24 الماضية، في ارتفاعٍ قياسي منذ بدء انتشار الوباء، ما يرفع الحصيلة الإجمالية إلى 3523 وفاة.
في هذه الأثناء، اتّسعت رقعة إجراءات العزل في كافة أنحاء العالم، لتبقي نحو نصف سكان الأرض معزولين في منازلهم، بينما أودى الفيروس بحياة قرابة 42 ألف شخص في العالم، وسط أزمة صحية تعيد توزيع مراكز القوى وتضرب الاقتصاد العالمي، وتؤثّر على الحياة اليومية لقرابة 3,6 مليارات شخص. وسجّلت إسبانيا، الثانية بعد إيطاليا لجهة عدد الوفيات في العالم، رقماً قياسياً في عدد الضحايا مع 849 وفاة، خلال 24 ساعة، ما يبدّد الآمال من احتمال أن تكون قد تجاوزت ذروة الأزمة التي تشلّ البلاد منذ أسابيع.
أما في إيطاليا، فقد نُكّست الأعلام خلال دقيقة صمت حداداً على أكثر من 12,428 شخصاً قضوا جراء الفيروس، فيما لا تزال الفرق الصحية تعمل في ظروف مروّعة. ورغم ظهور مؤشرات على تباطؤ انتشار العدوى، لا يزال المئات يموتون يومياً، ما دفع بالسلطات إلى تمديد إجراءات الإغلاق المشدّدة، رغم التداعيات الاقتصادية المدمّرة لذلك.
خرق بسيط تمكنت الدول الأوروبية من تحقيقه، في هذه الأثناء، بتسليمها معدات طبية إلى إيران التي ترزح تحت الفيروس، وذلك في إطار آلية «انستكس» للمقايضة التي تسمح بالالتفاف على العقوبات الأميركية، والتي استُخدمت للمرة الأولى منذ إنشائها في كانون الثاني/ يناير 2019. وتخطّى عدد الإصابات بالفيروس في إيران الـ 44 ألفاً، فيما تعقّد العقوبات الأميركية جهود احتواء تفشيه.

استعدادٌ للأسوأ
على الجهة المقابلة من المحيط الأطلسي، كانت الولايات المتحدة تستعد لأسوأ أيامها. ففي مشاهد لم يكن أحد يتصوّرها في زمن السلم، شهدت نيويورك إقامة مستشفى ميداني في حديقة سنترال بارك، كما وصلت إلى المدينة سفينة طبية عسكرية أميركية على متنها 1000 سرير إلى مانهاتن، لتخفيف الضغط عن النظام الصحي المنهك.
وبات من الواضح أن الولايات الموبوءة ترزح تحت عبء كبير لمحاولة احتواء الفيروس، في ظل تزايد عدد الوفيات، بينما تشهد ولايات أخرى أقلّ تضرّراً تزايداً متسارعاً في أعداد الإصابات والوفيات، في وقت لم يتخطّ الـ 24 ساعة. وفي هذا الإطار، أعلن حاكم نيويورك آندرو كومو، أنّ عدد الذين ثبتت إصابتهم بفيروس «كورونا» في الولاية زاد أكثر من تسعة آلاف شخص عن اليوم السابق، ليصبح 75795، مع ارتفاع الوفيات بنسبة 27 في المئة إلى 1550.
وفي ولاية ميشيغان، تحدث المسؤولون عن 50 حالة وفاة إضافية، محذّرين من أن تفشّي المرض لا يزال في مراحله المبكرة. كذلك، أعلن حاكم ولاية لويزيانا جون بيل إدواردز أنّ ولايته متخلّفة عن نيويورك ببضعة أسابيع، حيث أبلغ عن زيادة في الوفيات إلى 185 من 34 حالة، في غضون 24 ساعة فقط. وفي كاليفورنيا، أعلن الحاكم غافين نيوسوم أنّ عدد المصابين الذين أودعوا في المستشفيات زاد ضعفين تقريباً خلال الأيام الأربعة الماضية، بينما زاد عدد المرضى في وحدات الرعاية المركّزة إلى ثلاثة أضعاف خلال الفترة ذاتها.
وأخيراً، انضمت ماريلاند إلى فرجينيا وواشنطن دي. سي، في إصدار أوامر للسكان بالتزام منازلهم، لتشمل إجراءات العزل نحو 75 في المئة من الأميركيين.
سجّلت إسبانيا رقماً قياسياً في عدد الضحايا مع 849 وفاة خلال 24 ساعة


من جهته، سعى الرئيس دونالد ترامب إلى طمأنة المواطنين، مشيراً إلى أنّ السلطات تكثّف توزيع المعدات الضرورية، على غرار أجهزة التنفس ووسائل الوقاية الشخصية. لكنّه حذر من «الأوقات الصعبة المقبلة خلال الأيام الثلاثين المقبلة». وأقرّ باحتمال صدور أمر لجميع سكان البلاد بالبقاء في منازلهم. وقال: «نخاطر بكل شيء نوعاً ما»، مشبّهاً جهود احتواء «كورونا» بـ«الحرب».
ورغم الضغط الذي تعانيه منظومة الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، أعلن ترامب أنه سيأمر بإرسال مزيد من المعدات الطبية إلى إيطاليا وفرنسا وإسبانيا.
في غضون ذلك، يبحث الكونغرس خطوات إضافية، تماشياً مع استمرار ارتفاع عدد الوفيات في البلاد. وبعد أيام على إقرار حزمة بقيمة 2.2 تريليون دولار لتخفيف حدة الضربة الاقتصادية القوية التي وجّهها فيروس «كورونا»، يناقش الديموقراطيون الذين يسيطرون على مجلس النواب زيادة المدفوعات للعمّال ذوي الدخل المنخفض والمتوسط، الذين من المرجّح أن يكونوا ضمن أكثر الفئات تضرراً، بسبب تسريح الشركات ملايين الموظفين، فضلاً عن إلغاء التكاليف التي يتحمّلها المُصاب بالفيروس. وصرّحت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي بأنها ستعمل مع الجمهوريين لصياغة مشروع قانون يمكن أن يوفر، أيضاً، حماية إضافية للعمّال الذين يتصدّرون جهود مكافحة «كورونا»، والمزيد من الدعم لحكومات الولايات والإدارات المحلية، في ظلّ التعامل مع واحدة من أكبر أزمات الصحة العامة في تاريخ الولايات المتحدة. وأشارت بيلوسي إلى أنها لا تتوقع صدور التشريع الجديد قبل عيد الفصح الذي يوافق يوم 12 نيسان.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)