تخوض طهران حربها على جبهة «كورونا»، من دون أن تبقى المعارك السياسية في منأى تماماً عن الأزمة الجديدة. ففي حين قبلت مساعدات أوروبية، شكّكت الخارجية الإيرانية أمس في أهداف إبداء الإدارة الأميركية استعدادها لمساعدة طهران في مساعيها لمكافحة وباء كورونا. وفي تعليق للمتحدث باسم الوزارة عباس موسوي على التصريحات الأميركية في هذا الشأن، قال: «إننا نشكك بنيات الأميركيين، لأن نياتهم لو كانت صادقة لما استخدموا موضوع المساعدات دعاية إعلامية». كلام موسوي جاء رداً على تصريح لوزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الجمعة الماضي، أعلن فيه أن الولايات المتحدة عرضت على إيران المساعدة. إلا أن بومبيو استدرك بالقول: «البنية التحتية للرعاية الصحية لديهم ليست قوية... أنا قلق للغاية من أن إيران لا تتشارك في المعلومات». أما رئيسه دونالد ترامب، فكان قد أبدى، السبت الماضي، استعداداً للمساعدة مشروطاً بطلب الإيرانيين ذلك، إذ قال: «إذا كنا نستطيع مساعدة الإيرانيين في هذه المسألة، فنحن على استعداد بالتأكيد للقيام بذلك... الشيء الوحيد الذي يتعين عليهم القيام به هو طلب ذلك. سيكون لنا اختصاصيون رائعون هناك».
على عكس الموقف من الأميركيين، تستقبل إيران مساعدات أوروبية

هذه التصريحات رأت فيها طهران استغلالاً سياسياً، وخصوصاً مع ما سبقها من مواقف أميركية شكّكت في شفافية عمل الحكومة الإيرانية على مكافحة الفيروس، علماً بأن الولايات المتحدة سبق أن قدّمت في الماضي مساعدات إغاثية لإيران في بعض الكوارث. وأمس، رأى موسوي، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي الذي عرضه هذه المرة عبر الشاشة بسبب إجراءات الوقاية من كورونا، أن الفيروس يستدعي تعاون «جميع الدول، بحيث لم يعد بإمكان أيّ دولة أن تدّعي أنها تقف وحدها أو تزعم أنها بعيدة عن الخطر»، مشيراً إلى إبداء بعض الدول استعدادها للتعاون مع بلاده «ونحن أيضاً سنبادر إلى مساعدة الدول الأخرى لأنها قضية عالمية». أما العرض الأميركي، فوضعته الخارجية في إطار النيات غير الصادقة وإلا «لما استخدموا موضوع المساعدات دعاية إعلامية وسخّروها لأهدافهم الدعائية». وتابع موسوي: «لن نعوّل على هذه المساعدات المزعومة، كما أننا لسنا مستعدين لتلقي المساعدات التي لا تتعدّى الكلام». وزاد: «نرصد ونتابع مواقف الأميركيين، ونعرف كم عملوا ضدّ إيران وما زالوا يحاولون زرع الإحباط والضعف لدى الشعب الإيراني».
وبعكس الموقف من الأميركيين، تستقبل إيران مساعدات من الدول الأوروبية، إذ أعلنت الدول الثلاث الموقّعة على الاتفاق النووي، بريطانيا وألمانيا وفرنسا، في بيان، تضامنها مع إيران، وتعهّدت بإرسال مساعدات بقيمة نحو 5 ملايين يورو، وكشفت عن إرسال شحنة من معدات مخبرية خاصة بتشخيص الإصابة بالفيروس وقفازات وملابس واقية. وكشف سفير إيران لدى لندن، حميد بعيدي نجاد، أنه «يجري حالياً التنسيق مع كبار المسؤولين البريطانيين لشراء بعض السلع الطبية الضرورية من أسواق هذا البلد».